ألم تعلم أنهم قد أدخل في روعهم أن هذا التاج، سيكون سعدا على المملكة، فيكون بدء عهد، كله خصب ورفاهية واطمئنان؟ فهم يتفاءلون بالخير واليمن والبركة، ثم همس قائلا: وكل ذلك بتدجيل هذا المشعوذ الكبير.
أحدهما :
نجى الله الأمة من شروره، فنفسي متشائمة، وإنني لأخشى الفتنة، وأخاف ضربة تصيب أستاذنا الحكيم ومن والاه، فإنها تحدثني بشر مستطير!
التلميذ :
لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فلنكن على استعداد للمفاجآت، ولعلها تكون مؤاتية، فننقذ البلاد من الشعوذة وذيولها، ومن التدجيل وآفاته، فالله حكيم، يمهل ولا يهمل، والعاقبة للمخلصين المجاهدين.
أحدهما :
أراك مسرفا في تفاؤلك، وكأني بك تحاول أن تتناسى هذا الصمت الذي يستولي على نفوس الشعب الثائر منذ بدأ هذا الساحر يفتنه بشعوذته، فأين اندفاع الثورة في النفوس؟ وأين مظاهر تدفقها في القلوب؟ فلا انفعال يبعثه الألم، ولا تحفز تغذيه الحماسة والأمل، وكأن الناس ولا سيما الشباب سكارى وما هم بسكارى، ولكنهم مخدرون لا يعون الواقع، اللهم إلا واقع حاجات البطن وما يلابسه، ويغفلون عن مستقبل كانوا - ولا يزالون - يدعون أنهم في سبيل تحقيقه يجدون ويكدحون ويفكرون ويتأملون، والحقيقة أنهم لا يعرفون ماذا يريدون، فلا يزالون في تيههم يعيثون.
التلميذ :
لا تبتئس يا أخي ولا تيأس، إنه الوجوم، وجوم شعب ينتظر، خدعوه بالتاج وبفعله السحري في إصلاح حاله وتحقيق رفاهه ورغده، فخدع وصدق، ودفعه الأمل لانتظار العجائب، وهل نحن في زمن المعجزات؟ الشعب يريد تحسين أحواله، ويرغب في الحصول على حاجاته، ولا يزال يعلق آماله على من يعده، حتى ييأس فينهار، أو يعي، وإذا ما وعى كانت الثورة، ولا فرق لدى الشعب أكان الإنقاذ عن طريق حكومته أو عن طريق الثائرين، ولكنه لا يكاد يقنط من الحكومة، وينجلي له انخداعه بالاتكال عليها حتى يثور مع الثائرين، وإنني لمتفائل بأن هذ الليلة ستكون ليلة انكشاف خداع الشعوذة، ولعلها ستكون ليلة الإنقاذ.
الثاني :
Page inconnue