وتقع مدينة غول كوندا، التي غدت قرية حقيرة، بالقرب من حيدر آباد، ويثير اسمها في الخيال صور القصور الرائعة الخرافية ذات الشفوف والوشاء الزاهية والحجارة الكريمة المتألقة، وتسودها القعلة ذات الألغاز التي هي مفتاح تلك المنطقة، فلم يوفق لزيارتها قبلنا غير فئة قليلة من الأوربيين.
ولم تكن عاصمة الدكن السابقة غول كوندا وحدها هي التي آلت إلى الخراب، فليس قليلا خرب العواصم السابقة في الهند، فأكثر هذه العواصم الخربة وقفا للنظر هو بيجابور وبيجانغر اللتان تجد صورا لكثير من مبانيها في هذا الكتاب، وبيجانغر هذه أصبحت ركاما من المعابد والقصور على مساحة تعدل باريس فصار لا يطؤها إنسان، وعاد لا يأوي إليها سوى الضواري، فعلى المرء أن يطوف على نور القمر في تلك المعابد المهجورة وفي مسالك تلك المدينة الميتة المصفوف على جوانبها متشبك العماد والأروقة؛ ليدرك ما في الأشياء الصامتة من بيان بليغ في بعض الأحيان، فبمثل هذه المناظر الماثلة استطعنا أن نخرج من أعفار القرون طيف حضارة بائدة.
هوامش
الفصل الثالث
النباتات والحيوانات والمعادن
(1) النباتات
تشتمل الهند على أنواع النبات والحيوان اشتمالها على مختلف الأجواء، ولا تمتاز الهند بنوع خاص من الحيوان والنبات.
فبينما ترى منحدرات جبال الهند مكسوة أزهارا وأثمارا كالتي تشاهد في أوروبا، تذكرك سهولها بسهول فارس والصين، وتذكرك بقاعها الجافة المحرقة بأفريقيا الوسطى، ويذكرك نبات ترائي وسندربن القوي الأشعث بنبات جزائر الملايو.
وبلاد الهند في مجموعها غنية خصبة كافية لتموين سكانها وإطعامهم عن سعة، وتنشأ مجاعاتها الهائلة التي تخرب بعض بقاعها أحيانا عن افتقارها، في الغالب، إلى طرق منتظمة صالحة لنقل ما يزيد على احتياج بعض مناطقها إلى مناطقها التي تنقص حاصلاتها.
وتنشأ تلك المجاعات، كذلك، عن فقر طبقاتها الدنيا المدقع الذي لا يجد أفرادها معه ما يشترون به قليلا من الأرز أو البر فيهلكون جماعات على حين توسق في السفن مقادير عظيمة من حبوب الهند لتباع في الأسواق الأجنبية.
Page inconnue