9
وأنه لا تدركه الأبصار إلا في المنام على وجه مجرد.
فبعض الناس يعبده في عنصر النار، وبعضهم يعبده في شخص سيد المخلوقات منو، وبعضهم يعبده في إندرا، وبعضهم يعبده في عنصر الهواء الخالص، وبعضهم يعبده في برهما الأزلي.
ذلك هو الله الذي يحيط بجميع المخلوقات بجسم مؤلف من العناصر الخمسة فتنمو هذه المخلوقات بعد أن تولد ثم تنحل فيتم ذلك كله بحركة تشابه دوران العجلة.
والخلاصة أن ذلك هو مذهب وحدة الوجود، ولكن ذلك ليس بمذهب وحدة الوجود الهيولانية الساطعة الظاهرة التي عرفها الآريون، وليس بقوى الطبيعة التي أضحت آلهة مع محافظتها على ثيابها المؤلفة من السحب والأشعة وعلى شذا عطورها وعلى هديرها ودويها، بل هو مذهب وحدة الوجود الأكثر تجردا وقولا بالقضاء والقدر، هو مذهب وحدة الوجود الذي يحجب الله فلا يبديه رائع الكلام ولا ساطع الألوان، هو مذهب وحدة الوجود الذي يجعل الله أسيرا في العناصر، هو مذهب وحدة الوجود الذي يقيم عزة الله ومجده على تجريده من الصورة والظاهر والإرادة والحياة، فيشابهه من يتطهرون من الذنب، أو يفنون فيه.
وعلى الإنسان، قبل أن يصل إلى ذلك النعيم الدائم ، أن يحتمل أذى الحياة زمنا لا يتصور طوله المرهوب سوى خيال الهندوسي الخصيب، فمدى حياة الإنسان ليس بالشيء الذي يذكر إذا ما قيس بذلك الزمن الطويل، فالولد الذي يولد لا بد من أن يكون قد جاوز عدة أطوار قبل أن يولد، والأشيب الذي يموت لا بد من أن يولد ويعود أشيب عدة مرات في عدة أجسام.
وتجد في شريعة منو تفصيلا واضحا لمذهب تناسخ الأرواح الذي هو أساس جميع مذاهب الهند الدينية ومنها البدهية، وتجد فيه، أيضا، تفصيلا لمذهب الكرما الذي يرى أن عمل الإنسان في هذه الحياة الدنيا يعين الحال التي يولد بها مرة أخرى فعم أمره، كذلك، جميع المذاهب الدينية التي انتشرت في الهند فيما بعد.
والحياة التي تعقب الحياة الأولى تكون طيبة أو خبيثة بحسب حسن الحياة الأولى أو خبثها، فالروح تتقمص إما برهميا أو قديسا أو إلها، وإما جندالا
10
أو بقرة أو خنزيرا أو حية، جاء في شريعة منو:
Page inconnue