وكان للآريين علم بالطب، غير أن ثقتهم بالأدوية التي يقول بها الطب كانت دون ثقتهم بالرقى والعزائم التي كان الكهنة يزعمون شفاء المرضى بها.
وكلما سار الآريون في ميدان الحضارة اتسع نطاق توزيع الأعمال عندهم، ففي أناشيد الدور الأخير تبصر زيادة المهن، فتجد لكل عمل عاملا، فترى فيها وصفا حتى لحلاق القرية.
وبدأ التفاوت بين الثروات يزيد في ذلك المجتمع الذي كان أمره يتعقد، فأخذ يمارس أمور التجارة، فبدا وصف أبهة الأغنياء وآلام الفقراء عنيفا، فصار الفقر الكريه يجسم ويضرع إلى الآلهة أن تبعده، والجفاف هو الذي كان يؤدي إلى الفقر في الغالب فيفر أمام سيول الموسم الماطر، جاء في الويدا:
توجه، أيها الفقر ذو العين الموعوكة والسير الثقيل، إلى الجبل السماوي حيث تجد محسنا منعما، فبأمواج السحاب ندفعك.
يضر الفقر المدحور من هذا العالم ومن العالم الآخر بالبذور، فيا برهس بتي أبعد هذا الشر.
ونشأت عن تفاوت الثروات هذا فضيلة جديدة، أي الإحسان، فتأمر أسفار الويدا به كثيرا فيقول الكهنة:
الإحسان الإلهي الناصر جزء من القربان.
الرجل المحسن هو الرجل الطيب نحو البائس الجائع، فإذا دخل بيته وجد سعادة في القربان ووجد أصحابا بين الآخرين .
وانهماك الآريين بالميسر من أسباب الفقر الشديد المفاجئ وتدهور الثروات عندهم، فقد بلغ ولعهم بالميسر، ولا سيما بالنرد، ما كانوا يخسرون به، أحيانا، في يوم واحد جميع كنوزهم وبيوتهم وحقولهم وأولادهم وأزواجهم وحريتهم، وفي الويدا وصف قائم لما يجر إليه ذلك الولوع من المصائب، ومن ذلك الوصف الآتي الذي جاء في أنشودة رائعة منها:
يصل المقامر إلى مجلس الميسر فيقول في نفسه متحمسا: «سأكسب!» فيستحوذ النرد على روحه فيسلم إليه كل ما يملك.
Page inconnue