غادر الإسكندر بلاد الهند، فلم تلبث الممالك التابعة له والمرزبات
2
التي أقامها أن رفعت راية العصيان، ففترت العلاقات التي تربط الهند بدولته العظمى بعد موته بالتدريج، فبدت الهند طليقة من الفاتحين الأجانب بعد عشر سنوات.
على أن صلات الإغريق بالهند دامت بواسطة ممالك بقطريان الإغريقية كما يثبت ذلك خبر الوفد الذي أرسله مؤسس المملكة السورية السلوقي بزعامة ميغاستين إلى باتلي بوترا «بتنه» حوالي سنة 300 قبل الميلاد، وهذه هي الرحلة الأولى التي نفذ الأوربيون فيها قلب الهند فكانت أحدوثة ميغاستين التي انتهت إلينا المصدر الوحيد عن أحوال الهند في ذلك العصر.
ومما لا شك فيه أن الهدف المقصود من الوفد هو أن يحول عن مصر إلى تدمر ودمشق وأنطاكية مجرى التجارة الذي كان يسلكه العرب فيؤدي إلى اغتناء البطالمة كما أدى إلى إثراء خلفاء القاهرة فيما بعد، فنشأ عن ذلك انتظام العلاقات بين بقطريان وشمال الهند الغربي انتظاما نستدل عليه من المؤثرات في مباني شمال الهند الغربي.
أضحت مصر ولاية رومانية سنة 30 قبل الميلاد فاعتقد أغسطس، كما كان الناس يعتقدون، أن بلاد العرب هي مصدر التوابل والأبازير مع أن العرب كانوا يأتون بها من الهند، فوجه إلى بلاد العرب حملة لم يكتب لها فوز، وفي زمن القيصر كلوديوس، أي في القرن الأول من الميلاد، دفعت ريح سفينة إلى سيلان اتفاقا فعلم بذلك أن من الممكن الوصول إلى الهند من سواء البحر العظيم بفعل بعض الرياح بدلا من محاذاة السواحل كما كان يسار قبل ذلك، فصار تجار من الرومان يقومون بهذه الرحلة من مصر في سبعين يوما على رواية بلين فيبلغون منغلور الواقعة بين غوءا وكاليكت، وفي ذلك الحين ألف تاجر إسكندري كتابا سماه «رحلة في بحر أريثرة»
3
فنجد فيه بعض المعارف الجغرافية.
وما عرفه القدماء عن الهند في القرن الثاني من الميلاد نعلمه من كتاب بطليموس في الجغرافية، وما في هذا الكتاب من المعارف فسطحي مقصور على وصف الساحل.
وقلت الصلات بالهند في دور انحطاط الدولة الرومانية، ثم قطعت تماما حينما فتح العرب العالم القديم بقيادة خلفاء محمد، وظلت مقطوعة عن العالم النصراني أكثر من ألف سنة، فمن أراد الاطلاع على حال الهند في القرون الوسطى فليطالع ما جاء في كتب سياح العرب من الأنباء، ومن هؤلاء السياح نذكر المسعودي الذي زارها في أواسط القرن العاشر وابن بطوطة الذي طاف فيها سنة 1330، إلخ.
Page inconnue