رأى محمود الغزنوي مثل تلك العجائب في جميع المدن التي دخلها، ولا سيما في قنوج التي كان لها أن تباهي بأنها فريدة بمبانيها كما روى فرشتة الذي ذكرناه آنفا، فوجد في أثناء الحملة التي قام بها سنة 1024 لهدم معبد سومنات بالكجرات على الخصوص، معبدا عجيبا ذا ستة وخمسين سارية مصفحة بصفائح من ذهب ومرصعة بالحجارة الكريمة، وذا ألوف من التماثيل المصنوعة من الذهب والفضة والمحيطة بهيكله، وذا صنم ضخم قائم في وسطه مشتمل في جوانبه على مقدار كبير من الحجارة الكريمة، وذا حشم مؤلفين من ألفي برهمي وخمسمائة راقصة وثلاثمائة موسيقي، ويقدر ما غنمه المسلمون من الكنوز في تلك الأثناء بنحو 250 مليون فرنك أي بمبلغ عظيم جدا في ذلك الزمن.
ولم يقل دهش خلفاء محمود الغزنوي عنه تجاه الثروات والعجائب التي لاقوها في كل مكان بالهند، فقد هدم محمود الغوري أصنام ألف معبد ببنارس وحمل أربعة آلاف بعير من الغنائم التي استولى عليها، وبلغ ما حمله جنود المسلمين في حملتهم الأولى التي قاموا بها في الدكن من الذهب الكثير ما تركوا معه الأدوات الفضية لثقل نقلها، فلم تكن أواني المعابد وبيوت الأغنياء مصنوعة إلا من الذهب الخالص، ولم يكن الناس ليتداولوا غير النقود الذهبية على عكس ما يقع في أيامنا.
ودام سلطان آل محمود الغزنوي الأفغان في غزنة ولاهور من سنة 996 إلى سنة 1186 حين طردهم محمود الغوري رأس أسرة الأفغان الثانية، فسلك محمود الغوري هذا في فتوحه مسلكا بسيطا كتب له التوفيق به كما كتب لخلفائه، ومنهم الإنجليز، من بعده، فقام ذلك على التدخل فيما كان يقع بين الأمراء المحليين من نزاع وعلى الاستفادة من تنافسهم بإضعافهم، ثم بالاستيلاء على ممالكهم، فهو بعد أن توسط حليفا في نزاع كان يفرق بين ملوك دهلي وقنوج جمع مملكتيهم وألف منهما دولة واسعة يحدها بنارس من الشرق وغواليار وكجرات من الجنوب جاعلا مدينة دهلي مقرا للحكومة.
مات محمود الغوري فأعلن أحد ولاته قطب الدين استقلاله فأضحى قطب الدين هذا رأس الأسرة الأفغانية المعروفة بأسرة الملوك المماليك التي دام سلطانها من سنة 1206 إلى سنة 1290، وإلى قطب الدين هذا يعزى إنشاء «منارة قطب» بدهلي.
والملك ألتمش هو أشهر ملوك هذه الأسرة، ويعد مزاره الفخم من أشهر مباني دهلي، ودام عهده من سنة 1211 إلى سنة 1236 فحارب في أثنائه عدة مرات ضد غارات المغول وفتن القبائل المحلية.
أديل من الأسرة الغورية فقامت مقامها أسرة أخرى يعد علاء الدين من أشهر ملوكها «1294-1313»، لما اتسع به مدى الفتوح الإسلامية في عهده، ولما كان له من الذوق في الفن المعماري مثل ما كان لأسلافه كما يشهد بذلك الباب المنقوش الذي يحمل اسمه بدهلي.
شكل 1-3: سانجي. منظر معبد مقبب، «من المحتمل أن يكون هذا المعبد قد أنشئ بين القرن الثالث قبل الميلاد، وقد أنشئ السياج المحيط به والأبواب الكبيرة المؤدية إليه في القرن الأول من الميلاد»، «يبلغ ارتفاع القبة نحو 17 مترا ويبلغ قطرها 34 مترا.»
ومن سوء حظ هذه الأسرة الجديدة أن تفاقم خطر المغول الذين جندوا في جيشها الملكي شيئا فشيئا، فلم يلبث زعيم هؤلاء المرتزقة أن أسس أسرة أفغانية مالكة خامسة «1320-1414» اشتهر منها فيروز وطوغلق، وامتاز ملوكها بالطابع الذي وسموا به فن العمارة.
وفي سنة 1398، أيام ثاني ذينك الملكين، أغار تيمور لنك على الهند فسلب دهلي فجاب الهند كإعصار فعاد إلى بلاده.
وكان الولاة يحاولون الاستقلال أيام انهماك ملوك دهلي في الحروب فوفق أكثرهم له فشادوا عدة ممالك، فتنافست عواصمها في البهاء، وزينت أجيادها بقلائد من المباني التي لا يزال عدد كبير منها قائما.
Page inconnue