الله حرم عليه ذلك، وذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها. فقلت: هو في الأخرى معذور، فقال: نعم إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها.. الحديث ".
وهذه الرواية قد اشتملت على فردي الجاهل بالحكم الشرعي والجاهل ببعض جزئياته، ودلت على معذورية كل منهما إلا أن الأول أعذر، لعدم قدرته على الاحتياط، وبيان ذلك: أن الجاهل - بالحكم الشرعي وهو تحريم التزويج في العدة جهلا ساذجا غير متصور له بالمرة - لا يتصور الاحتياط في حقه بالكلية، لعدم تصوره الحكم بالمرة كما عرفت. وأما الجاهل بكونها في عدة مع علمه بتحريم التزويج في العدة، فهو جاهل بموضوع الحكم المذكور مع معلومية أصل الحكم له، ويمكنه الاحتياط بالفحص والسؤال عن كونها ذات عدة أم لا، إلا أنه غير مكلف به، بل ظاهر الأخبار مرجوحية السؤال والفحص كما في غير هذا الموضع مما قدمنا الإشارة إليه (1)، وكل ذلك عملا بسعة الحنيفية وسهولة الشريعة. نعم لو كان في مقام الريبة فالأحوط السؤال، كما يدل عليه بعض الأخبار.
ومن ذلك - رواية عبد الله بن وضاح (2) قال: " كتبت إلى العبد الصالح (عليه السلام) يتوارى القرص ويقبل الليل ثم يزيد الليل ارتفاعا وتستتر عنا الشمس وترتفع فوق الجبل حمرة ويؤذن عندنا المؤذن، أفأصلي حينئذ أو أفطر إن كنت صائما، أو أنتظر حتى تذهب الحمرة التي فوق الجبل؟ فكتب إلي: أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ بالحائطة لدينك " (أقول): والاحتياط هنا - بالتوقف على ذهاب الحمرة عند من قام له الدليل على أن الغروب عبارة عن استتار القرص المعلوم بعدم رؤيته عند المشاهدة مع عدم
Page 74