وستأتي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج الواردة في جزاء الصيد دالة على ذلك.
ومن هذا القسم - لكن مع كون الاحتياط بالترك - ما إذا كان الحكم الشرعي التحريم وحصل الشك في اندراج بعض الجزئيات تحته، فإن الاحتياط هنا بالترك، كحكم السجود على الخزف والحكم بطهارته بالطبخ، فإن أصل الحكم في كل من المسألتين معلوم، ولكن هذا الفرد بسبب الشك في استحالته بالطبخ وعدمها قد أوجب الشك في اندراجه تحت أصل الحكم، فالاحتياط - عند من يحصل له الشك المذكور - واجب بترك السجود وترك استعماله فيما يشترط فيه الطهارة. ومنه الشك في اندراج بعض الأصوات تحت الغناء المعلوم تحريمه، فإن الاحتياط واجب بتركه، وأما من يعمل بالبراءة الأصلية فإنه يرجح بها هنا جانب العدم، فلا يتجه ذلك عنده.
ومن الاحتياط الواجب بالجمع بين الأفراد المشكوك فيها ما إذا استغلت ذمته يقينا بواجب لكن تردد بين فردين أو أزيد من أفراد ذلك الواجب، فإنه يجب عليه الآيتان بالجميع. ومنه من اشتغلت ذمته بفريضة من اليومية مع جهلها في الخمس مثلا، فإنه يجب عليه الاتيان بالخمس مقتصرا فيما اشترك منها في عدد على الاتيان بذلك العدد مرددا في نيته. ومنه التردد في وجوب الجمعة، فإنه يجب عليه الجمع بينها وبين الظهر، إلى غير ذلك من المواضع التي يقف عليها المتتبع.
وأما الاحتياط المستحب فعلا أو تركا فقد تقدم لك شطر من أمثلته، والمتدرب لا يخفى عليه استنباط ذلك.
ولا بأس بنقل جملة من الأخبار المشتملة على ذكر الاحتياط وتذييل كل منها بما يوقف الناظر على سواء الصراط، فإن جملة من مشايخنا (رضوان الله عليهم) قد اشتبه عليهم ما تضمنته من الأحكام، حتى صرحوا بتعارضها في المقام على وجه يعسر
Page 72