وروى الإمام مالك في «الموطّأ»، / عن معاذ بن جبل ﵁، قال: كنّا مع النّبيّ ﷺ في غزوة (تبوك)، فوردنا العين، فوجدناها تبضّ بشيء من ماء مثل الشّراك، فغرفوا منها شيئا في إناء، فغسل به النّبيّ ﷺ وجهه ويديه، وأعاده فيها، فجرت بماء كثير، له حسّ كحسّ الصّواعق، ثمّ قال: «يوشك أن يكون ما ها هنا جنانا» - أي: بساتين- فكان كذلك «١» .
وأمّا النّوع الثّالث: وهو تكثير الطّعام اليسير ببركته ﷺ
فكثير أيضا. فمن ذلك:
حديث أنس ﵁، أنّ أبا طلحة بعثه بأقراص من شعير تحت إبطه، ففتّها ﷺ وأشبع منها ثمانين رجلا. متّفق عليه «٢» .
وحديث جابر ﵁، أنّه صنع للنّبيّ ﷺ صاعا من شعير وعناقا، وطلب خامس خمسة، فنادى في أهل (الخندق)، وكانوا ألفا جياعا، فأكلوا من ذلك كلّهم، حتّى انصرفوا، قال جابر:
وأقسم بالله إنّ برمتنا لتغطّ كما هي، وإنّ عجيننا ليخبز، وكان النّبيّ ﷺ بصق في البرمة والعجين. متّفق عليه «٣» .
(١) أخرجه مالك في «الموطّأ»، كتاب: قصر الصّلاة في السّفر، رقم (٢) . ومسلم برقم (٧٠٦/ ١٠) . تبضّ: تسيل. الشّراك: سير النّعل، ومعناه: ماء قليل جدّا.
(٢) أخرجه البخاريّ، برقم (٦٣١٠) . ومسلم برقم (٢٠٤٠) .
(٣) أخرجه البخاريّ، برقم (٣٨٧٦) . ومسلم برقم (٢٠٣٩/ ١٤١) . عناق: الأنثى من ولد المعز. البرمة: القدر. برمتنا لتغطّ: إنّ قدرنا ليغلي ويفور من الامتلاء، فيسمع غطيطها، أي: صوت غليانها. الغطيط: صوت النّائم أيضا.