Guiding Islamic Messages for Individual and Community Reform
مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع
Maison d'édition
دار الصميعي للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
التاسعة
Année de publication
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧م
Lieu d'édition
الرياض - المملكة العربية السعودية
Genres
﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: ١٠٥]
[١]
مجموعة
رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع
تأليف
محمد بن جميل زينو
المدرس في دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة
دار الصميعي
Page inconnue
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حقوق الطبع غير محفوظة ولكل مسلم حق الطبع
الطبعة التاسعة
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
سمحت بطبعه مديرية المطبوعات
إذا أردت أن يكون لك الأجر في حياتك وبعد موتك، فاطبع هذا الكتاب، أو ساهم في طبعه، واتصل بالمؤلف ليساعدك على الطبع بأرخص سعر ممكن ويرسل لك نسخة مزيدة ومنقحة
ص. ب: ٦٠١ مكة
هاتف البيت: ٥٥٦١٨٢٧ مكة
دار الصميعي للنشر والتوزيع
هاتف وفاكس: ٤٢٦٢٩٤٥ - ٤٢٥١٤٥٩
الرياض - السويدي - شارع السويدي العام
ص. ب: ٤٩٦٧ - الرمز البريدي: ١١٤١٢
المملكة العربية السعودية
1 / 2
المقَدِّمَة
إِن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد: فقد طلبت مني بعض المكتبات في السعودية السماح بطبع مجموعة رسائل التوجيهات الإِسلامية وكتابة مقدمة لها، نظرًا لإِقبال القراء عليها، لسهولة أسلوبها، وأهمية بحوثها المتنوعة لكل مسلم ومسلمة، ولأن هذه السلسلة قد لا توجد في مكتبة واحدة، مما يسبب للقارئ التعب في الحصول عليها.
لذا كان طبعها في كتاب واحد يسهل للراغب اقتناؤها كاملة، والاستفادة منها جميعًا، علمًا بأن السلسلة سيبقى طبعها متفرقة على شكل أجزاء يسهل حملها، وشراؤها بثمن مناسب.
إن سلسلة التوجيهات الإِسلامية يمتاز كل عدد منها بميزات لا توجد في الآخر:
١ - كتاب (توجيهات إِسلامية لإِصلاح الفرد والمجتمع).
يمتاز بمواضيعه الهامة، وبحوثه المتنوعة، فهو يبحث في العقيدة والعبادات، والمحرمات التي اشتبهت على بعض الناس كالغناء والموسيقى، والتصوير، والتماثيل، والتدخين، وغيرها من البحوث الهامة المفيدة بأسلوب سهل.
٢ - كتاب (أركان الإِسلام والإِيمان من الكتاب والسنة الصحيحة).
هو شرح موجز لأركان الإِسلام والإِيمان الواردة في الحديث، وفيه بحث هام عن
1 / 3
نواقض الإِسلام والإِيمان والاعتقادات الباطلة التي تؤدي إِلى الكفر.
٣ - كتاب (منهاج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة).
يبحث في التوحيد وأنواعه وفضله من القرآن والحديث، ومَن هي الفرقة الناجية، والطائفة المنصورة؟ كما أنه يبحث في الشرك وأنواعه ومشاهده، وأنه سبب شقاء العالم الإِسلامي، وما يلاقيه من المصائب والفتن والحروب، مع إِعطاء العلاج الناجع لهذه الأمراض الخطيرة.
٤ - كتاب (العقيدة من الكتاب والسنة الصحيحة).
جاء على شكل أسئلة وأجوبة متنوعة تتعلق بعقيدة التوحيد وأنواع الشرك، وأنواع الجهاد، والحكم بغير ما أنزل الله، وفيه بحث هام عن أفكار خطيرة. بثها أعداء الإِسلام، ليفتنوا المسلمين عن دينهم ويفسدوا عقائدهم، وأكثر الأجوبة تعتمد على الدليل من الكتاب والسنة الصحيحة.
٥ - كتاب (قطوف من الشمائل المحمدية، والأخلاق النبوية، والآداب الإِسلامية).
إن اسمه دال عليه، وهو مأخوذ من القرآن الكريم، وأكثر كتب الحديث المعتمدة، وانتقاء الصحيح منها، وجاء بعض بحوث الكتاب على شكل حوار محبب للنفس كبحث الأخلاق والمعجزات والرفق والصبر والسيرة، وقد جاء في آخره خلاصة عن واجبنا نحو الرسول ﷺ والتحلي بأخلاقه، لأنه القدوة الحسنة.
٦ - كتاب (حكم الدخان والتدخين على ضوء الطب والدين).
وضحت فيه أضرار التدخين الصحية والمادية، والاجتماعية، والأخلاقية، ثم بينت الأدلة من الكتاب والسنة على تحريمه بأسلوب سهل، وبيان واضح.
وإني أسمح لكل مطبعة، أو مكتبة، أو دار نشر بطبع هذه السلسلة، على أن تخبرني لأرسل لها نسخة مزيدة ومنقحة ليخرج الكتاب سليمًا من الأخطاء والملاحظات.
وبما أنني تنازلت عن حقوق التأليف، فإِنه يحسن لدور النشر أن تبيعه بسعر
1 / 4
مناسب يشجع القراء على اقتنائه، وأن ترسل لي منه بعض النسخ للاستفادة منها ولتوزيعها كدعاية للكتاب المطبوع.
والله أسأل أن ينفع بهذه المجموعة المسلمين، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم.
...
المؤلف
محمَّد بن جميل زينو
المدرس في دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة
١/ ٢ / ١٤٠٨
1 / 5
رأي العلماء في سلسلة التوجيهات
١ - رأي فضيلة مدير الإدارة العامة لشؤون المصاحف، ومراقبة المطبوعات: كتب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز إِلى مدير مراقبة الكتب يأخذ رأيه في سلسلة التوجيهات فأجاب:
سماحة الرئيس العام الشيخ عبد العزيز بن باز سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإِجابة لشرح سماحتكم رقم ٤٣٣/ ١ / ك في ٩/ ٣/ ١٤٠٤ هـ والمرفق به الكتب التالية:
١ - كتاب خذ عقيدتك من الكتاب والسنة الصحيحة الطبعة الأولى.
٢ - كتاب منهاج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
٣ - كتاب توجيهات إِسلامية، وجميعها من تأليف محمد زينو. ونفيدكم أنه تمت دراستها واتضح ما يلي:
أولًا: كتاب خذ عقيدتك من الكتاب والسنة الصحيحة: وهو عبارة عن أسئلة وأجوبة في العقيدة وما يتعلق بها مع ذكر الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة بأسلوب مختصر ومفيد - إِن شاء الله.
ثانيًا: كتاب الفرقة الناجية والطائفة المنصورة: اتضح أنه ملخص لمنهج السلف أصولًا وفروعًا وهو نافع ومفيد وصالح للتداول دينيًا.
ثالثًا: كتاب توجيهات إِسلامية: وهو عبارة عن أبحاث متنوعة ومختصرة في
1 / 6
مبادئ الإِسلام وتعاليمه موضحا ذلك بالأدلة من الكتاب والسنة بطريقة مختصرة ومفيدة، ومما تقدم يتضح لسماحتكم أن الكتابين الأول والثاني سليمان وصالحان للتداول والنشر وكذلك الكتاب الثالث وفيما ترونه الخير والبركة - إِن شاء الله، وأسأل الله أن يمد في عمركم لخدمة شرعه المطهر إِنه سميع قريب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
مدير الإِدارة العامة
لشؤون المصاحف ومراقبة المطبوعات
عبد الله بن ردن البداح
١٢/ ١/ ١٤٠٥
٢ - وكتب فضيلة الشيخ عبد الله خياط عضو هيئة كبار العلماء وخطيب المسجد الحرام بمكة سابقًا حول السلسلة فقال: كم لنا من الركائز الإِسلامية ما يفتح الأنظار على أمور قد تكون من خير ما يعتد به المسلم في دينه وخلقه، وتنبه فيه الوعي للإِفادة منها، والسير على ما ترسمه من مناهج الخير. أضرب لذلك مثلًا بسلسلة التوجيهات الإِسلامية التي ألفها فضيلة الشيخ محمد بن جميل زينو المدرس في مدرسة دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة، والذي وقفت له على مشاركات كثيرة في التأليف ذات هدف رفيع توحي بأفق واسع ودراية.
هذه السلسلة الأولى منها (توجيهات إِسلامية لإِصلاح الفرد والمجتمع) تحدث فيها المؤلف عن دروب الإِصلاح الديني والاجتماعي.
والثانية تحت عنوان (أركان الإِسلام والإيمان من الكتاب والسنة الصحيحة) تحدث فيها المؤلف عن أصل الإِسلام وعموده، ألا وهو توحيد الله ﷻ وتنزيهه عن الشريك في كل ما هو من خصائصه، وتصحيح المعتقد ومدلول رسالة الرسول الأعظم ﷺ، وفي طليعة ذلك الإِيمان به وبما جاء عنه، وأنه رسول وعبد لله لا يجوز الارتفاع
1 / 7
به عن المقام الذي وضعه الله فيه.
والرسالة الثالثة تحت عنوان. (منهاج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة على ضوء الكتاب والسنة).
تحدث فيها المؤلف عن منهاج هذه الفرقة الناجية والطائفة المنصورة البارزة القائمة إِلى قيام الساعة لا يضرها من خالفها إِلى قيام الساعة.
والرسالة الرابعة تحت عنوان (العقيدة الإِسلامية من الكتاب والسنة الصحيحة).
تحدث فيها المؤلف عن واقع العقيدة السلفية، ومن موضوعاتها أنواع التوحيد وفوائده، والتوسل والشفاعة والسنة والبدعة إِلى غير ذلك من الموضوعات التي لها صلة بتصحيح العقيدة.
أما الرسالة الخامسة فتحت عنوان: (قطوف من الشمائل المحمدية والأخلاق النبوية) الكريمة العظيمة التي يجب التأسي بها وأخذ القدوة منها، وإنا لنشد على يد المؤلف للمزيد من أمثال هذه الركائز الإِسلامية الصغيرة في حجمها، الكبيرة فىٍ مفهومها، ومدلولها، فهي ملائمة للقراء في هذا الزمن للإفادة منها، فالكثير من الناس لا يسمح له وقته بقراءة المطولات، فأمثال هذه الرسائل تغنيه، وتشفيه، وتهديه بهداية الله إِلى صراط الله، وفق الله المؤلف وكتب له أجر المحسنين بمنه وكرمه.
عبد الله عبد الغني خياط
عضو هيئة كبار العلماء
٣ - وكتب مدير الجامعة الأثرية ببشاور في باكستان فقال:
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد جميل زينو -حفظه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد فإِن إدارة الجامعة الأثرية ببشاور تقدم شكرها وتقديرها لكم على ما تبذلونه من الجهود في نشر العقيدة الصحيحة الشافعية على ضوء الكتاب والسنة بصورة
1 / 8
الكتيبات النافعة القيمة ونشرات صغيرة، ولا شك أنها صغيرة في الحجم وكبيرة في العلم والنفع جزاكم الله عنا وعن سائر المسلمين ونفع بكم المسلمين آمين يا رب العالمين، ثم إِننا نبشركم بأن إِدارة الجامعة الأثرية قد قامت بترجمة كتابكم الكريم (العقيدة الإِسلامية) إِلى ثلاث لغات: الأردية - والفارسية - والأفغانية (بشتو) وتم بحمد الله طباعة اللغتين الأخريين في العدد الأول عشرين نسخة من كل لغة، وسوف تنتهي طباعة اللغة الثالثة في أقرب وقت ممكن - إِن شاء الله تعالى، والحمد لله- قد عم نفع هاتين الرسالتين في مخيمات المهاجرين ومراكز المجاهدين والمدارس الابتدائية الأهلية في باكستان حتى جعل بعضها في المناهج الدراسية كي يركز الطالب المبتدئ على عقيدة صحيحة ولله الحمد. والسلام عليكم ورحمة الله.
أخوكم في الله أبو عمر عبد العزيز النورستاني
مدير الجامعة الأثرية بشاور باكستان
1 / 9
(١)
مجموعة رسائل التوجيهات الإِسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع
١ - توجيهات إِسلامية لإِصلاح الفرد والمجتمع.
٢ - أركان الإِسلام والإيمان من الكتاب والسنة الصحيحة.
٣ - منهاج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
٤ - العقيدة الإِسلامية من الكتاب والسنة الصحيحة.
٥ - قطوف من الشمائل المحمدية والأخلاق النبوية والآداب الإسلامية.
٦ - حكم التدخين على ضوء الطب والدين.
1 / 10
(١)
توجيهات إسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع
1 / 11
موجز لمحتويات الكتاب (١)
توجيهات إسلامية
* الخصائص الرئيسة في الإسلام
* الإسلام نظام كامل للحياة
* الدعاء هو العبادة
* أين الله؟ الله فوق العرش
* مبطلات الإِسلام
* من أخلاق الرسول وأدبه ودعوته وجهاده ﷺ
* كيف نربي أولادنا؟
* حقوق الوالدين
* اجتنبوا الكبائر واتّبعوا ولا تبتدعوا
* الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
* الجهاد في سبيل الله
* الوصية الشرعية لكل مسلم
* إِعفاء اللحية واجب
* حكم الغناء
* حكم التصوير والتماثيل
* دعاء الشفاء والسفر والضائع
1 / 12
الخصائص الرئيسة في الإِسلام
١ - الإِسلام دين التوحيد: فالإِيمان بوجود خالق واحد للعالم حقيقة تقتنع بها كل العقول المفكرة، وهذا الخالق هو الإله المستحق للعبادة وحده: كالذبح والنذر، ولا سيما الدعاء لقوله ﷺ: "الدعاء هو العبادة" [حسن صحيح رواه الترمذي]
فلا يجوز صرف شيء منها لغير الله.
٢ - الإِسلام يُجمِّع ولا يُفرِّق: فهو يؤمن بجميع الرسل الذين أرسلهم الله لهداية البشر، وتنظيم حياتهم، والرسول محمد ﷺ خاتمهم، وشريعته نسخت ما قبلها بأمر من الله - تعالى، أرسله الله إِلى الناس جميعًا لينقذهم من جور الأديان المحرفة إِلى عدل الإِسلام المحفوظ.
٣ - إِن تعاليم الاِسلام سهلة واضحة مفهومة، فهو لا يقر الخرافات، ولا المعتقدات الفاسدة، والفلسفات المعقدة، وهو صالح للتطبيق في كل زمان ومكان.
٤ - إِن الإِسلام لا يفصل بين المادة والروح فصلًا كاملًا، بل ينظر إِلى الحياة على أنها واحدة تشملهما معًا، فلا يأخذ إِحداهما ويهمل الأخرى.
٥ - أكد الإِسلام روح التساوي والأخوة بين المسلمين، فهو ينكر الفوارق الإِقليمية والعصبية، ففي كتابه الكريم: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣]
٦ - ليس في الإِسلام سلطة كهنوتية تحتكر الدين، ولا أفكار مجردة يصعب تصديقها، ويستطيع كل إِنسان أن يقرأ كتاب الله -تعالى- وحديث رسول الله ﷺ حسب فهم السلف الصالح ثم يصوغ حياته طبقًا لهما.
(انظر كتاب الخصائص الرئيسة في الإسلام) للدكتور يوسف القرضاوى
1 / 13
الإِسلام نظام كامل للحياة
١ - إِن الإِسلام ينظم الحياة البشرية في مختلف ميادينها الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، كما يرسم لها الطريق الصحيح لحل مشاكلها.
٢ - الإِسلام يسعى إِلى تنظيم الحياة للإِنسان، والعنصر الرئيسي هو تنظيم الوقت، والإِسلام وحده أقوى عامل لنجاح المسلم في الدنيا والآخرة.
٣ - إِن الإِسلام عقيدة قبل أن يكون شريعة فالرسول ﷺ ركز جهده في مكة على التوحيد، ثم بعد ذلك طبق الشريعة عندما انتقل إِلى المدينة لإِقامة الدولة الإِسلامية فيها.
٤ - الإِسلام يدعو إِلى العلم ويشجع على التطور العلمي النافع، فلقد كان المسلمون، في القرون الوسطى جهابذة في العلوم العصرية، مثل (ابن الهيثم) و(البيروني) وغيرهم.
٥ - الإِسلام يبيح المال المكتسب من الحلال الذي لا استغلال فيه ولا غش، ويرغب في المال الحلال للرجل الصالح الذي يدفع منه للفقراء والجهاد، وبهذا تتحقق العدالة الإجتماعية في الأمة المسلمة التي تأخذ تشريعها من خالقها، وفي الحديث: "نِعْمَ المالُ الصالح للمرء الصالح". [صحيح رواه أحمد]
وأما قولهم: (ما جُمِع مالٌ من حلال) فهو مكذوب لا أصل له.
٦ - الإِسلام دين الجهاد والحياة: فهو يفرض على كل مسلم (١) أن يبذل ماله وروحه في سبيل نصرة الإسلام، وهو دين الحياة يريد من المسلم أن يعيش حياة هنيئة في ظل الإِسلام، وأن يُؤْثِر أُخراه على دنياه.
٧ - إِحياء الفكر الإِسلامي الحر في حدود القواعد الإِسلامية، وإزالة الجمود الفكري، والأفكار الدخيلة التي شوهت جمال الإِسلام الصافي، وحالت دون تقدم المسلمين كالبدع والخرافات والأحاديث الموضوعة وغير ذلك [المصدر السابق]
_________
(١) ليس الجهاد فرض عين مطلقًا، ولا يصح التعبير بالفكر الإسلامي كما قال القرضاوي.
1 / 14
الدعاء هو العبادة
هذا الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي، يدل على أن الدعاء من أهم أنواع العبادة، فكما أن الصلاة لا تجوز أن تكون لرسول أو ولي، فكذلك لا يُدعى الرسول أو الولي من دون الله.
١ - إِن المسلم الذي يقول: يا رسول الله أو يا رجال الغيب غوثًا ومددًا، هو دعاء وعبادة لغير الله، ولو كانت نيته أن الله هو المغيث، مثله مثل رجل أشرك بالله ﷿ وقال: أنا في نيتي أن الإِله واحد فلا يقبل منه هذا، لأن كلامه دل على خلاف نيته، فلابد من مطابقة القول للنية والمعتقد، وإلا كان شركًا أو كفرًا لا يغفره الله إِلا بتوبة.
٢ - فإن قال هذا المسلم: أنا في نيتي أن أتخذهم واسطة إِلى الله، كالأمير الذي لا أستطيع أن أدخل عليه إلا بواسطة، فهذا تشبيه الخالق بالخلوق الظالم الذي لا يدخل عليه أحد إِلا بواسطة، وهذا التشبيه من الكفر.
قال تعالى منزهًا ذاته وصفاته وأفعاله:
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]
فتشبيه الله بمخلوق عادل كفر وشرك، فكيف إِذا شبهته بإِنسان ظالم؟! تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
٣ - لقد كان المشركون في زمن الرسول ﷺ يعتقدون أن الله هو الخالق والرازق، ولكنهم يدعون الأولياء الممثلين في الأصنام واسطة تقربهم إِلى الله، فلم يرض منهم هذه الواسطة، بل كفَّرَهم وقال فيهم: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ [الزمر: ٣]
والله -تعالى- قريب سميع لا يحتاج إِلى واسطة، قال الله - تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ١٨٦]
1 / 15
٤ - إِن هؤلاء المشركين كانوا يدعون الله وحده عند الشدائد قال تعالى: ﴿وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [يونس: ٢٢]
وكانوا يدعون أولياءهم الممثلة في الأصنام وقت الرخاء، فكفَّرَهم القرآن.
فما بال بعض المسلمين يدعون غير الله من الرسل والصالحين، ويستغيثون بهم، ويطلبون المعونة منهم وقت الشدائد والمحن ووقت الرخاء؟!!
ألم يقرؤوا قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٥، ٦]
(بعبادتهم أي بدعائهم)
٥ - يظن الكثير من الناس أن المشركين الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا يدعون أصنامًا من الحجارة، وهذا خطأ؛ لأن الأصنام الذين ورد ذكرهم في القرآن كانوا رجالًا صالحين.
ذكر البخاري، عن ابن عباس ﵄ في قوله -تعالى- في سورة نوح: ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: ٢٣] قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلك أولئك أوحى الشيطان إِلى قومهم: أن انصبوا إِلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد، حتى إِذا هلك أولئك ونُسِي العلم بها عُبدت (أي الأصنام).
٦ - قال الله -تعالى- منكرًا على الذين يدعون الأنبياء والأولياء: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (٥٦) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا﴾ [الإسراء: ٥٦، ٥٧]
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية ما خلاصته:
1 / 16
نزلت هذه الآية في جماعة من الإِنس كانوا يعبدون الجن ويدعونهم من دون الله، فأسلم الجن.
وقيل نزلت في جماعة من الإنس كانوا يدعون المسيح والملائكة.
فهذه الآية تنكر على من يدعو غير الله ولو كان نبيًا أو وليًا.
٧ - يزعم البعض أن الاستغاثة بغير الله جائزة ويقولون: المغيث على الحقيقة هو الله، والاستغاثة بالرسول والأولياء تكون مجازًا كما تقول: شفاني الدواء والطبيب، وهذا مردود عليهم بقول إِبراهيم ﵇: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ [الشعراء: ٧٨ - ٨٠]
أكد بالضمير (هو) في كل آية ليدل على أن الهادي والرازق والشافي هو الله لا غيرهُ، وأن الدواء سبب للشفاء وليس شافيًا.
- الكثير من الناس لا يفرق بين الاستغاثة بحي أو بميت والله -تعالى- يقول: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ﴾ [فاطر: ٢٢]
وقوله -تعالى: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥] وهي حكايته عن رجل استغاث بموسى ليحميه من عدوه، وقد فعل ذلك، ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ﴾ [القصص: ١٥]
أما الميت فلا تجوز الاستغاثة به؛ لأنه لا يسمع الدعاء، ولو سمع لا يستطيع الإِجابة لعدم قدرته، قال تعالى: ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾ [فاطر: ١٤]
(هذا نص صريح في أن دعاء الأموات شرك).
وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النحل: ٢٠، ٢١]
٩ - ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الناس يوم القيامة يأتون الأنبياء فيستشفعون بهم، حتى يأتوا محمدًا فيستشفعوا به أن يفرج عنهم، فيقول: أنا لها، ثم يسجد تحت
1 / 17
العرش ويطلب من الله الفرج وتعجيل الحساب، وهذه الشفاعة طلب من الرسول ﷺ وهو حي يكلمه الناس ويكلمونه، أن يشفع لهم عند الله ويدعو لهم بالفرج، وهذا ما سيفعله ﷺ بأبي هو وأمي.
١٠ - وأكبر دليل على الفرق بين الطلب من الحي والميت هو ما فعله عمر بن الخطاب ﵁ حينما نزل بهم القحط، فطلب من العباس عم الرسول ﷺ بعد انتقاله للرفيق الأعلى.
١١ - يظن بعض أهل العلم أن التوسل كالاستغاثة مع أن الفرق بينهما كبير، فالتوسل هو الطلب من الله بواسطة فتقول مثلا: (اللهم بحبك وحبنا لرسول الله فرج عنا) فهذا جائز، أما الإستغاثة فهي الطلب من غير الله فتقول: (يا رسول الله فرِّج عنا) وهذا غير جائز وهو شرك أكبر لقوله - تعالى: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (أي المشركين) [يونس: ١٠٦]
والله -تعالى- يأمر رسوله محمدًا صدى الله عليه وسلم - أن يقول للناس:
﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا﴾ [الجن: ٢١]
﴿قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ٢٠]
وقوله ﷺ: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح]
وقال الشاعر:
الله أسالُ أنْ يُفرجَ كربَنا ... فالكربُ لا يَمحوهُ إِلا اللهُ
أين الله؟
الله الذي خلقنا، أوجب علينا أن نعرف أين هو؟ حتى نتجه إِليه بقلوبنا ودعائنا وصلاتنا، ومن لا يعرف ربه أين هو؟ يبقى ضائعًا لا يعرف وجهة معبوده، ولا يقوم بحق عبادته.
1 / 18
إِن صفة العُلُو لله على خلقه هي كبقية الصفات الواردة في القرآن والأحاديث الصحيحة، كالسمع والبصر والكلام والنزول وغير ذلك من صفات الله. فإِن عقيدة السلف الصالح، والفرقة الناجية أهل السنة والجماعة الإِيمان بما أخبر الله به في كتابه أو رسوله في أحاديثه من غير تأويل ولا تعطيل، ولا تشبيه، لقوله - تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]
ولما كانت هذه الصفات، ومنها صفة عُلُو الله على خلقه متابعة لذاته، فإِن الإيمان بها واجب، كالإِيمان بالذات العلية، ولذلك قال الإِمام مالك ﵁ لما سئل عن معنى قوله - تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ فقال: الاستواء معلوم (أي العلو) والكيف مجهول، والإِيمان به واجب.
فانظر يا أخي المسلم إِلى قول مالك ﵀ حيث جعل الإِيمان بالاستواء معرفته واجبة على كل مسلم، وهو العلو، ولكن كيفيته مجهولة لا يعلمها إِلا الله.
إِن كل منكر لصفة من صفات الله الثابتة في القرآن والحديث ومنها العُلُوُّ المطلق وأنه على السماء، يكون منكرًا للآيات والأحاديث الدالة، على إِثباتها، وأن هذه صفات كمال ورفعة وعلُو لا يجوز نفيها عن الله، وإن محاولة بعض المتأخرين تأويل الآيات والصفات -متأثرين بالفلسفة التي أفسدت عقائد كثير من المسلمين- جعلهم يعطلون هذه الصفات الكمالية لله، وخالفوا طريقة السلف وهي أسلم وأعلم وأحكم، وما أحسن من قال:
وكل خير في اتباع مَن سَلف ... وكل شر في ابتداع من خلف
الخلاصة
إِن الإيمان بجميع الصفات الواردة في القرآن والأحاديث الصحيحة واجب، ولا يجوز أن نفرق بين الصفات فنؤمن ببعضها، على ظاهرها، ونتأول بعضها الآخر، فالذي يؤمن بأن الله سميع بصير لا يشبهه بأحد في سمعه وبصره، عليه أن يؤمن بأن
1 / 19
الله في السماء (أي علا السماء علُوًا بجلاله لا يُشبهُه أحد) لأنها كلها صفات كمال لله، أثبتها الله لنفسه في كتابه، وكلام رسوله ﷺ تؤيدها الفطرة السليمة، ويصدقها العقل السليم.
قال نعيم بن حماد شيخ البخاري:
"من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه". [ذكره في شرح العقيدة الطحاوية]
الله فوق العرش
القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة والعقل السليم. والفطرة السليمة تؤيد ذلك.
١ - قال الله - تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]
(أي علا وارتفع) كما جاء في البخاري عن بعض التابعين.
٢ - وقال تعالى: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ﴾ [الملك: ١٦] قال ابن عباس: (هو الله) كما في تفسير ابن الجوزي.
٣ - وقال تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: ٥٠]
٤ - وقال تعالى عن عيسى: ﴿بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾ [النساء: ١٥٨] (أي رفعه الله إِلى السماء)
٥ - وقال تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ [الأنعام: ٣] قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:
"اتفق المفسرون على أننا لا نقول كما تقول الجهمية (فرقة ضالة) إِن الله في كل مكان! تعالى الله عما يقولون علُوًّا كبيرا!! "
(ومعنى في السموات: على السموات).
1 / 20