منحة العلام في شرح بلوغ المرام
منحة العلام في شرح بلوغ المرام
Maison d'édition
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ
Genres
سبب لاشتهار هذه الأمة من بين الأمم يوم القيامة، وذلك ببياض وجوههم وأيديهم وأرجلهم.
وقد تقدم حديث أبي هريرة ﵁ قال: سمعت خليلي ﷺ يقول: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء» (^١).
والمراد: حلية المؤمن في الجنة من مصوغ الذهب وغيره.
الوجه الرابع: استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة، وقد نسبه الحافظ إلى الحَلِيمِي (^٢) وهو من محدثي الشافعية وفقهائهم، ووجه الاستدلال: أن النبي ﷺ خص الغرة والتحجيل بهذه الأمة، ولو كان الوضوء لغيرهم لثبت لهم ما ثبت لهذه الأمة.
والقول الثاني: أن الوضوء ليس مختصًا بهذه الأمة، بل كان موجودًا فيمن قبلهم، وإنما الذي اختصت به الغرة والتحجيل، والدليل على عدم اختصاصها بالوضوء حديث أبي هريرة ﵁ في قصة سارة زوج الخليل ﵊ وفيه أن سارة لما طلبها الجبار وأرسل بها الخليل إليه، فقام إليها، فقامت تتوضأ وتصلي، فقالت: «اللهم إن كنتُ آمنت بك وبرسولك، وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط عليَّ الكافر .. الحديث» (^٣). فهذا صريح في العمل بالوضوء قبل هذه الأمة، وكذا ما ورد في حديث أبي هريرة ﵁ أيضًا - في قصة جريج الراهب، وفيها: «فتوضأ وصلى» (^٤).
وهذا هو الأظهر - إن شاء الله تعالى - لقوة دليله، ويؤيده حديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «إن حوضي أبعدُ من أيلةَ من عدن، لهو أشد بياضًا من الثلج، وأحلى من العسل باللبن، ولآنيته أكثر من عدد النجوم، وإني لأصد الناس عنه كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه»،
(^١) تقدم تخريجه قريبًا. (^٢) "فتح الباري" (١/ ٢٣٦). (^٣) أخرجه البخاري (٢٢١٧). (^٤) أخرجه البخاري (٣٤٣٦)، ومسلم (٢٥٥٠).
1 / 196