منحة العلام في شرح بلوغ المرام

Abdullah bin Saleh Al Fawzan d. Unknown
108

منحة العلام في شرح بلوغ المرام

منحة العلام في شرح بلوغ المرام

Maison d'édition

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ

Genres

وهذا لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في بدنه وعرقه وسؤره وريقه ونحو ذلك، على قولين: الأول: أنها نجسة، فلو شرب حمار من ماء وبقي بعد شربه شيء فهو نجس، وكذا عرقه وما يسيل من أنفه. وهذا مذهب الإمام أحمد، ودليله حديث الباب، ووجه الدلالة: أنه إذا كان الحمار الأهلي نجسًا فإن سؤره وما ذكر يكون نجسًا. القول الثاني: أنها طاهرة، وهذا مذهب الجمهور، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها الموفق ابن قدامة (^١)، وصاحب «الإنصاف» (^٢)، واستدلوا بما يأتي: ١ - أن النبي ﷺ وأصحابه كانوا يركبونها، ولا يخلو ركوبها من عرق، ولو كانت نجسة لبين النبي ﷺ ذلك، لحاجة الناس إلى هذا البيان. ٢ - أنه لا يمكن التحرز منها لمقتنيها، فأشبهت الهرة المنصوص عليها في قوله ﷺ: «إنها من الطوافين عليكم»، فإذا عفي عن الهرة لتطوافها فالحمار من باب أولى، ولا سيما أهل الحمر الذين اعتادوا ركوبها. وهذا القول هو الراجح - إن شاء الله ـ؛ لقوة مأخذه، وهو الأليق بسماحة الشريعة، وبُعدها عن الحرج والمشقة. قالوا: وأما ما استدل به القائلون بنجاسة ريقها وعرقها فليس صريحًا في تحريم ما ذكر، فإن معنى (رجس) أي: محرمة، كما في اية: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ﴾ ..﴾ [المائدة: ٩٠]، ويحتمل أن المراد بذلك لحمها الذي كان في قدورهم فإنه نجس؛ لأن ذَبْحَ ما لا يحل أكله لا يطهره الذبح، ولهذا قال ابن القيم: (دليل النجاسة لا يقاوم دليل الطهارة) (^٣)، والله أعلم.

(^١) "المغني" (١/ ٦٨). (^٢) "الإنصاف" (١/ ٣٤٢). (^٣) انظر: "بدائع الفوائد" (٢٧١ - ٢٧٢).

1 / 112