وقال عبد الغني في يأس وإحباط: إنه لا يريد أن يجيبني برأي في شأن الخطاب.
وقال صابر: كيف عرفت ذلك؟ - هذا واضح. - إنك لا ترى الواضح يا عبد الغني. - كيف ذاك؟ - إن الخطاب يطلبك للمناقشة، إذن فعدم الشراء ليس أمرا نهائيا، بل إن هناك شروطا جديدة، أو هناك على الأقل كلام سيقال. - أعزك الله يا أبي، لقد والله فتحت لي باب أمل من حيث لا أدري. •••
نادى صديق ساعي مكتبه الذي يدعوه بعم خضر، وطلب إليه أن يركب سيارة أجرة معه. واستجاب عم خضر دون أن يسأل عن القصد، وكان مع صديق لفافة صغيرة يمسك بها في حنان، وحين بلغت السيارة بيت أبيه أوقفها، وقال لعم خضر: انزل إلى هذا البيت وأعط هذه اللفافة لمن يفتح لك الباب. وحين يسألك عما بها قل: إنها رسالة قديمة وجدت في أمانات البريد ووجدت عليها العنوان فقلت: آتي بها إليكم، ربما كان بها شيء مهم.
وفعل خضر ما طلبه إليه صديق بحذافيره، وفتحت له هند الباب وهو ما توقعه صديق، وفي طيبة واقتناع قبلت هند ما روى لها خضر ودخلت باللفافة إلى حجرة صابر ، وقصت عليه الأمر وهي تفتح اللفافة. وما إن رأت ما يغلفه الورق حتى رمت به صائحة: بسم الله الرحمن الرحيم. ووقع القميص على وجه صابر فإذا هو يقول في هدوء وطمأنينة وثقة: إنه قميص صديق، ما كان الله ليخذلني أبدا.
وصاحت هند وهي تلقف القميص، وقد أوشكت على الجنون: أحقا ما أرى؟
وراحت تقبل القميص بدموعها وروحها وبكل كيانها، ويقول صابر ثانية: ما كان الله ليخذلني أبدا.
وتجلس هند وهي تقول: أمعنى هذا أنه حي؟
ويقول هو في ثقة: أما التفسيرات والتخمينات فأتركها لك، أما أنا ففي شأن آخر. - ماذا أنت صانع؟ - كم الساعة الآن؟ - ماذا تريد؟ - كم الساعة؟ أظنها العاشرة. - تقريبا. - هيا خذي بيدي. - إلى أين؟ - ستعرفين. - يا صابر، ربما كان الأمر كما رواه الرجل الذي أحضر اللفافة وتكون رسالة قديمة. - أنا لن أناقش الأمر. هيا بنا. - إلى أين؟ - إلى الدكتور علي مالك. - أحقا؟ - توكلي على الله. - رسالة خير والله، رسالة خير. لو لم تعد إلينا إلا بعدك لكفى.
كانت عملية صابر من العمليات الحديثة بأشعة الليزر، وكان الدكتور علي مالك تواقا أن يقوم بها لصابر؛ فقد كان يرى فيه واحدا من رجال الله المخلصين.
وتمت العملية.
Page inconnue