الْقَطْعِ فِي مَسْأَلَةٍ مَظْنُونَةٍ، لَا مَجَالَ لِلْعُقُولِ فِيهَا يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مَقْطُوعٍ بِهِ سَمْعِي.
٦٠ - فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ سَبَبُ الْإِجْمَاعِ خَبَرًا مَثَلًا مَقْطُوعًا بِهِ، لَلَهِجَ الْمُجْمِعُونَ بِنَقْلِهِ.
قُلْنَا: لَا نُبْعِدُ أَنْ يَنْعَقِدَ الْإِجْمَاعُ عَنْ سَبَبٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، ثُمَّ يَقَعُ الِاكْتِفَاءُ بِالْوِفَاقِ، وَيُضْرِبُ الْمُجْمِعُونَ عَنْ نَقْلِ السَّبَبِ ; لِقِلَّةِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَسْتَفِيضُ عِنْدَ وُقُوعِهِ، ثُمَّ يُمْحَقُ وَيُدْرَسُ، حَتَّى يُنْقَلَ آحَادًا، ثُمَّ يَنْطَمِسُ حَتَّى لَا يُنْقَلَ، وَيَقَعُ الِاكْتِفَاءُ بِمَا يَنْعَقِدُ الْوِفَاقُ عَلَيْهِ، وَوُضُوحُ ذَلِكَ يُغْنِي أَصْحَابَ الْمَعَارِفِ بِالْعُرْفِ عَنِ الْإِطْنَابِ فِي تَقْرِيرِهِ.
[الإجماع في نفسه ليس حجة]
٦١ - فَإِنْ قِيلَ: فَالْحُجَّةُ إِذًا مُسْتَنَدُ الْإِجْمَاعِ مُقَدَّرًا، وَلَيْسَ الْإِجْمَاعُ فِي نَفْسِهِ دَلِيلًا.
قُلْنَا: الْآنَ لَمَّا انْكَشَفَ الْغِطَاءُ وَبَرِحَ الْخَفَاءُ، فَالْحَقُّ الْمُتَّبَعُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ حُجَّةً، إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنَ الْمُجْمِعِينَ الِاسْتِقْلَالُ بِإِنْشَاءِ حُكْمٍ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّمَا يُعْتَقَدُ فِيهِمُ الْعُثُورُ عَلَى أَمْرِ
1 / 52