Nourriture des âmes par la conversation et la plaisanterie

Marʿī al-Karmī d. 1033 AH
27

Nourriture des âmes par la conversation et la plaisanterie

غذاء الأرواح بالمحادثة والمزاح

Maison d'édition

الجفان والجابي للطباعة والنشر دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

قَضَيْتُ الوَطَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا من محادثة الإخوان في الليالي الزُّهْرِ على التِّلال العُفْر. ٦ - وقال سُلَيْمان بن عبد الملك: قَدْ رَكِبْنَا الفَارِهَ، وَتَبَطَّنَّا الْحَرِيرَ، وَلَبِسْنا اللَّيِّنَ، وأَكَلْنَا الطَّيِّبَ؛ وها أنا اليوم أَحْوج مني إلى جَليسٍ يضَعُ عَنِّي مؤونَةَ التحفُّظِ، ويحدِّثَني بما لا يمجّه السَّمْعُ، ويطربُ إليه القَلْب. إذا تقرَّر هذا، فاعْلَم أيَّدَكَ اللهُ، أَنَّهُ لا بأسَ بالمَزْح الخالي عن سَفْسَاف الأمور وعن مخالطة السَّفَلَةِ ومزاحَمَتِهِم، بل بَيْنَ الإخْوانِ أَهْلِ الصَّفَاءِ بِمَا لَا أَذَى فِيهِ وَلَا ضَرَرَ، وَلا غِيبَةَ وَلا شَيْن، في عِرْضٍ أو دِين؛ بل رُبَّمَا لَوْ قِيلَ: يُنْدَبُ، لم يَبْعُدْ؛ إذا كان قاصِدًا بِهِ حُسْنَ العِشْرَةِ والتواضع للإخوان، والإنْبساط معهم، ورفع الحشمَةِ بينهم؛ من غير استهزاء أو إخلالٍ بمروءةٍ أو استنقاص بأَحَدٍ منْهُم. ٧ - وبالجملةِ، فإنَّ المَزْحَ في مقامٍ يقتضيه، لا ملامَ فيه؛ بل قيل لسُفْيان: المزاح هُجْنَةٌ؟ فقالَ بل سُنَّة، لقولِهِ ﵊: "إِنِّي لَأَمْزَحُ ولَا أَقُولُ إِلَّا الْحَقَّ" ["مجمع الزوائد" ٩/ ١٧، "تاريخ بغداد" ٣/ ٣٧٨، "الأنوار" للبغوي، رقم: ٣١١ و٣١٢، وراجع "المراح" رقم: ٢٦ و٢٤]. فالعاقِلُ يتوخَّى بِمَزْحِهِ إحدى حالَتَيْنِ: إِمَّا إِيناس المصاحِبِين، [أَ] وِ التودُّد إلى المُخاطَبِين. ٨ - قال سَعِيدُ بنُ العَاصِ لابْنِهِ: اقْتَصِدْ فِي مَزْحِكَ، فَإِنَّ

1 / 27