Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Maison d'édition
مؤسسة قرطبة
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Soufisme
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يُؤْتَى بِالنَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا» . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «نَارُكُمْ هَذِهِ مَا يُوقِدُ بَنُو آدَمَ جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، قَالُوا وَاَللَّهِ إنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً، قَالَ إنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا» وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَزَادُوا فِيهِ «وَضُرِبَتْ بِالْبَحْرِ مَرَّتَيْنِ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْفَعَةً لِأَحَدٍ» . وَصِفَاتُ النَّارِ وَأَوْدِيَتِهَا وَجِبَالِهَا وَآبَارِهَا وَحَيَّاتِهَا وَعَقَارِبِهَا وَشَرَرِهَا وَزَقُّومِهَا وَزَمْهَرِيرِهَا وَسَائِرِ مَا فِيهَا مِنْ الَّذِي ذَكَرَهُ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ وَدَوَّنَهُ الْعُلَمَاءُ مَعْلُومٌ مُفَرَّدٌ فِي كُتُبٍ لَهُ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ شَافِيًا وَقِسْمًا وَافِيًا فِي كِتَابِنَا (الْبُحُورِ الزَّاخِرَةِ فِي عُلُومِ الْآخِرَةِ) وَهُوَ كِتَابٌ جَلِيلُ الْمِقْدَارِ، اشْتَمَلَ عَلَى الْمَوْتِ وَالْبَرْزَخِ وَالْمَحْشَرِ وَالْمَوْقِفِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْآخِرَةِ وَفِيهِ مِنْ نَفَائِسِ الْعُلُومِ، وَجَوَاهِرِ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ، دُرَرٌ فَاخِرَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ سَمَّيْنَاهُ بِالْبُحُورِ الزَّاخِرَةِ، فَإِنَّهُ اسْمٌ يُوَافِقُ مُسَمَّاهُ، وَلَفْظُهُ يُطَابِقُ مَعْنَاهُ.
وَقَدْ أَلَّفَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ كِتَابَهُ حَادِي الْأَرْوَاحِ، إلَى مَنَازِلِ الْأَفْرَاحِ، وَأَلَّفَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ تِلْمِيذُهُ كِتَابَهُ (صِفَةُ النَّارِ، وَالتَّحْذِيرُ مِنْ دَارِ الْبَوَارِ) وَجُلُّ مَقَاصِدِ كِتَابِي الْبُحُورِ فِي الْبَابَيْنِ مِنْ الْكِتَابَيْنِ.
وَالنَّارُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، وَأَفْخَمُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَلَكِنْ ذَكَرْنَا هَذَا لِيُحْذَرَ وَأَكْثَرُ مَا يَكُبُّ الْإِنْسَانَ فِيهَا عَلَى وَجْهِهِ وَمَنْخِرَيْهِ (حَصْدُ لِسَانِهِ) بِمَعْنَى مَحْصُودِهِ، شَبَّهَ مَا يُمْسِكُهُ مِنْ الْكَلَامِ الْحَرَامِ كَالْكُفْرِ وَالْقَذْفِ بِحَصَادِ الزَّرْعِ اسْتِعَارَةً تَحْقِيقِيَّةً بَعْدَ تَشْبِيهِ الْأَلْسِنَةِ بِحَصَادِ الزَّرْعِ اسْتِعَارَةً مَكْنِيَّةً، وَأَشَارَ النَّاظِمُ بِهَذَا إلَى حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ﵁ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنْ النَّارِ، قَالَ لَقَدْ سَأَلْت عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ. ثُمَّ قَالَ أَلَا أَدُلُّك عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟
1 / 66