Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Maison d'édition
مؤسسة قرطبة
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Soufisme
مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إلَّا أَنْفَقْت فِيهَا لَك، قَالَ كَذَبْت، وَلَكِنَّك فَعَلْت لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ» وَلَمَّا بَلَغَ مُعَاوِيَةَ ﵁ هَذَا الْحَدِيثُ بَكَى حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ - أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ﴾ [هود: ١٥ - ١٦] .
وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ يُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ» وَخَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِمَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَحُذَيْفَةَ وَجَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَلَفْظُ حَدِيثِ جَابِرٍ «لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلَا تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارُ النَّارُ» .
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إلَّا مَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ» وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الرِّيَاءِ إلَّا تَسْمِيَتُهُ بِالشِّرْكِ لَكَفَى. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَأَمَّا التَّفْرِيطُ فِي الْعِلْمِ فَيَشْمَلُ الْكَذِبَ فِيهِ، وَعَدَمَ الْعَمَلِ بِهِ، وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ، وَعَدَمَ صِيَانَةِ نَامُوسِهِ فِيهِ.
فَأَمَّا الْكَذِبُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ [الأنعام: ١٤٤] وَالْآيَاتُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّهُ ﷺ قَالَ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» هَذَا رُوِيَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ حَتَّى بَلَغَ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ الْكَاذِبِينَ» .
وَأَمَّا عَدَمُ الْعَمَلِ بِهِ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ٤٤] .
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ
1 / 55