Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Maison d'édition
مؤسسة قرطبة
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Soufisme
الْحَنَابِلَةِ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵁ فَمَا دُونَهُ مِمَّنْ دَأَبَ فِي تَهْذِيبِ مَذْهَبِهِ وَاسْتَخْرَجَ الْأَقْوَالَ وَاسْتَنْبَطَ الْأَوْجُهَ، فَإِنَّ التَّخْرِيجَ فِي اصْطِلَاحِ فُقَهَائِنَا: نَقْلُ حُكْمِ مَسْأَلَةٍ إلَى مَا يُشْبِهُهَا وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِيهِ، وَالْوَجْهُ اسْتِنْبَاطُ الْحُكْمِ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
ثُمَّ إنَّ النَّاظِمَ وَصَفَ هَؤُلَاءِ الْفُضَلَاءَ مِنْ عُلَمَاءِ مَذْهَبِنَا بِقَوْلِهِ (أَئِمَّةِ) جَمْعِ إمَامٍ وَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَنْ اشْتَهَرَ بِالْإِمَامَةِ فَصَارَ يُقْتَدَى بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَصَلَحَ أَنْ يَكُونَ مَتْبُوعًا، وَذَلِكَ أَنْ تُقْرَأَ أَئِمَّةِ بِالْجَرِّ صِفَةً لِمَنْ قَبْلَهُ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى الْقَطْعِ أَيْ هُمْ أَئِمَّةُ (أَهْلِ السِّلْمِ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِهَا، وَيُؤَنَّثُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، أَيْ الصُّلْحِ، وَأَرَادَ أَهْلَ الطَّاعَةِ وَالصَّلَاحِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَالْأَمْنَ مِنْ فَرْثِ أَهْلِ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ وَذَمَّ أَهْلِ الْإِلْحَادِ وَالتَّعْطِيلِ (مِنْ كُلِّ) إمَامٍ (أَمْجَدِ) . مِنْ غَيْرِهِ وَالْمَجْدُ الشَّرَفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَوْ الشَّرَفُ الْوَاسِعُ، يُقَالُ مَاجِدٌ مِفْضَالٌ كَثِيرُ الْخَيْرِ.
وَفِي كَلَامِ عَلِيٍّ ﵁ أَمَّا نَحْنُ بَنُو هَاشِمٍ فَأَنْجَادٌ أَمْجَادٌ أَيْ أَشْرَافٌ كِرَامٌ جَمْعُ مَجِيدٍ أَوْ مَاجِدٍ كَأَشْهَادٍ فِي شَهِيدٍ أَوْ شَاهِدٍ، قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ.
كَأَنَّ النَّاظِمَ ﵀ (قَالَ) إنَّ مَا فِي مَنْظُومَتِي مِنْ الْأَحْكَامِ وَالْآدَابِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَقَاوِيلِ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَلَيْسَ مَا فِيهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِي بَلْ هُوَ مَأْثُورٌ وَمَشْهُورٌ وَإِنَّمَا لِي مِنْ ذَلِكَ النَّظْمُ وَالتَّأْلِيفُ وَالضَّمُّ وَالتَّصْرِيفُ لِيَسْهُلَ تَنَاوُلُهُ وَيَظْهَرَ تَدَاوُلُهُ.
لَعَلَّ إلَهَ الْعَرْشِ يَنْفَعُنَا بِهَا وَيُنْزِلُنَا ... فِي الْحَشْرِ فِي خَيْرِ مَقْعَدِ
(لَعَلَّ) هُوَ حَرْفٌ يَصْلُحُ لِلتَّرَجِّي وَطَلَبِ الْمَحْبُوبِ الْمُسْتَقْرَبُ حُصُولُهُ (إلَهَ) أَيْ رَبَّ (الْعَرْشِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَمِنْهُ لَفْظُ الْجَلَالَةِ.
وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عِشْرِينَ قَوْلًا أَصَحُّهَا عَلَمٌ غَيْرُ مُشْتَقٍّ، يُقَالُ إلَهٌ كَفِعَالٍ بِمَعْنَى مَأْلُوهٍ وَكُلُّ مَا اُتُّخِذَ مَعْبُودًا إلَهٌ عِنْدَ مُتَّخِذِهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ إلَهٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا إلَهَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلَّا اللَّهُ الْغَنِيُّ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، الْمُفْتَقِرُ إلَيْهِ كُلُّ مَا عَدَاهُ، وَالْعَرْشُ جِسْمٌ عَظِيمٌ وَهُوَ سَقْفُ الْجَنَّةِ فَهُوَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَفَوْقَ الْجَنَّةِ، وَضَوْءُ الْجَنَّةِ مِنْ نُورِ الْعَرْشِ، وَالْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ فِي الْعَرْشِ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَقَدْ قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَرْشَ ثُمَّ خَلَقَ الْكُرْسِيَّ مِنْ نُورٍ يَتَلَأْلَأُ
1 / 39