25

Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Maison d'édition

مؤسسة قرطبة

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1414 AH

Lieu d'édition

مصر

Genres

Soufisme
مَطْلَبٌ: هَلْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ اسْتِقْلَالًا أَمْ لَا؟ (تَنْبِيهَاتٌ): الْأَوَّلُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَلْ تَجُوزُ اسْتِقْلَالًا أَمْ لَا؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي جَلَاءِ الْأَفْهَامِ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، فَهَذَا يَجُوزُ وَيَكُونُ ﷺ دَاخِلًا فِي آلِهِ فَالْإِفْرَادُ عَنْهُ وَقَعَ فِي اللَّفْظِ لَا فِي الْمَعْنَى. (الثَّانِي) أَنْ يُفْرِدَ وَاحِدًا بِالذِّكْرِ كَقَوْلِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَلِيٍّ أَوْ حَسَنٍ أَوْ أَبِي بَكْرٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ، قَالَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ مَنْ مَضَى، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: لَا تَنْبَغِي الصَّلَاةُ إلَّا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَلَكِنْ يُدْعَى لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ بِالِاسْتِغْفَارِ، وَهَذَا مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ نَاسًا مِنْ النَّاسِ قَدْ الْتَمَسُوا الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَإِنَّ مِنْ الْقُصَّاصِ قَدْ أَحْدَثُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى خُلَفَائِهِمْ وَأُمَرَائِهِمْ عَدْلَ صَلَاتِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَإِذَا جَاءَ كِتَابِي فَمُرْهُمْ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُمْ عَلَى النَّبِيِّينَ وَدُعَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً) وَهَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَلَهُمْ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَنَّهُ مَنْعُ تَحْرِيمٍ أَوْ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ أَوْ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْأَوْلَى وَلَيْسَ، بِمَكْرُوهٍ، حَكَاهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ اسْتِقْلَالًا. قَالَ الْقَاضِي أَبُو حُسَيْنٍ الْفَرَّاءُ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا فِي رُءُوسِ مَسَائِلِهِ: وَبِذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَحَصِيفٌ وَمُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵁ مَضَى عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَقَدْ سُئِلَ أَيَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى عَلَى أَحَدٍ إلَّا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ؟ قَالَ: أَلَيْسَ قَالَ عَلِيٌّ لِعُمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك؟ قَالَ الْقَاضِي: وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ كَانَ يَأْتِيهِ بِالصَّدَقَةِ وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَيِّمِ الْجَوَازَ مَا لَمْ يَتَّخِذْهُ شِعَارًا أَوْ يَخُصَّ بِهِ وَاحِدًا إذَا ذُكِرَ دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ، كَفِعْلِ الرَّافِضَةِ مَعَ عَلِيٍّ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَيُكْرَهُ، وَلَوْ قِيلَ حِينَئِذٍ بِالتَّحْرِيمِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ، هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِهِ.

1 / 32