Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Maison d'édition
مؤسسة قرطبة
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Soufisme
عَلَيْهِ وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْإِنْكَارَ الْمَطْلُوبَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ. وَلَا يُنْكِرُ سَيْفٌ إلَّا مَعَ سُلْطَانٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الضَّرْبُ بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ إشْهَارُ سِلَاحٍ أَوْ سَيْفٍ يَجُوزُ لِلْآحَادِ بِشَرْطِ الضَّرُورَةِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، فَإِنْ احْتَاجَ إلَى أَعْوَانٍ يُشْهِرُونَ السِّلَاحَ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ السُّلْطَانِ عَلَى الصَّحِيحِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْفِتَنِ وَهَيَجَانِ الْفَسَادِ وَالْمِحَنِ. .
[تَنْبِيهَاتٌ مُهِمَّةٌ: فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]
(تَنْبِيهَاتٌ):
(الْأَوَّلُ): اعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ تَارَةً يُحْمَلُ عَلَيْهِ رَجَاءَ ثَوَابِهِ وَتَارَةً خَوْفَ الْعِقَابِ فِي تَرْكِهِ، وَتَارَةً الْغَضَبُ لِلَّهِ عَلَى انْتِهَاكِ مَحَارِمِهِ، وَتَارَةً النَّصِيحَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالرَّحْمَةُ لَهُمْ وَرَجَاءَ إنْقَاذِهِمْ مِمَّا أَوْقَعُوا أَنْفُسَهُمْ فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِغَضَبِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَتَارَةً يُحْمَلُ عَلَيْهِ إجْلَالُ اللَّهِ وَإِعْظَامُهُ وَمَحَبَّتُهُ وَأَنَّهُ أَهْلٌ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى، وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ، وَأَنْ يُفْتَدَى مِنْ انْتِهَاك مَحَارِمِهِ بِالنُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: وَدِدْت أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ أَطَاعُوا اللَّهَ وَأَنَّ لَحْمِي قُرِضَ بِالْمَقَارِيضِ وَتَقَدَّمَ. فَمَنْ لَحَظَ هَذَا الْمَقَامَ، هَانَ عَلَيْهِ مَا يَلْقَى مِنْ الْآلَامِ، وَرُبَّمَا دَعَا لِمَنْ آذَاهُ، لِكَوْنِ ذَلِكَ فِي اللَّهِ، كَمَا «دَعَا النَّبِيُّ ﷺ لَمَّا ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» . .
(الثَّانِي): الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمِ وَاجِبٌ. وَفِي تَرْكِ الْمَنْدُوبِ وَفِعْلِ الْمَكْرُوهِ مَنْدُوبٌ. قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي آخِرِ الْإِرْشَادِ. وَقَالَ غَيْرُهُ أَيْضًا كَمَا فِي الْآدَابِ: فَمِنْ الْقَبِيحِ مَا يَصْلُحُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ عَلَى وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، كَالرَّمْيِ بِالسِّهَامِ وَاِتِّخَاذِ الْحَمَامِ وَالْعِلَاجِ بِالسِّلَاحِ، لِأَنَّ تَعَاطِيَ ذَلِكَ لِمَعْرِفَةِ الْحَرْبِ وَالتَّقَوِّي عَلَى الْعَدُوِّ، وَلَيُرْسِلَ عَلَى الْحَمَامِ الْكُتُبَ وَالْمُهِمَّاتِ لِحَوَائِجِ السُّلْطَانِ وَالْمُسْلِمِينَ حَسَنٌ لَا يَجُوزُ إنْكَارُهُ. وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الِاجْتِمَاعَ عَلَى السُّخْفِ وَاللَّهْوِ وَمُعَاشَرَةِ ذَوِي الرِّيَبِ وَالْمَعَاصِي فَذَلِكَ قَبِيحٌ يَجِبُ إنْكَارُهُ.
1 / 229