Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Maison d'édition
مؤسسة قرطبة
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Soufisme
أَهْلِ الشَّرْعِ مَا مُدِحَ تَارِكُهُ وَلَمْ يُذَمَّ فَاعِلُهُ وَلَا ثَوَابَ فِي فِعْلِهِ وَهُوَ تَكْلِيفٌ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ حَقِيقَةً، وَهُوَ فِي عُرْفِ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ مَعَ الْإِطْلَاقِ لِلتَّنْزِيهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (غَيْرُ مُشَدَّدٍ) لِأَنَّهُ لَا يُذَمُّ فَاعِلُهُ وَلَا يُعَاقَبُ وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ وَمُسِيءٌ وَغَيْرُ مُمْتَثِلٍ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيمَنْ زَادَ عَلَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَسَاءَ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا وَافَقَ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ أَسَاءَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُذَمَّ وَلَمْ يَأْثَمْ. نَعَمْ ذَكَرَ الْإِمَامُ ابْنُ عَقِيلٍ كَالْقَاضِي يَأْثَمُ بِتَرْكِ السُّنَنِ أَكْثَرَ عُمْرِهِ لِقَوْلِهِ ﵊ «مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ لِذَلِكَ أَوْ يُوهِمُ أَنَّ التَّرْكَ سُنَّةٌ. وَاحْتَجَّا بِقَوْلِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيمَنْ تَرَكَ الْوِتْرَ إنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ.
مَطْلَبٌ: فِي التَّوَدُّدِ إلَى النَّاسِ وَأَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ شَرْعًا وَطَبْعًا
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَيَجِبُ كَفُّ يَدِهِ وَفَمِهِ وَفَرْجِهِ وَبَقِيَّةِ أَعْضَائِهِ عَمَّا يَحْرُمُ وَيُسَنُّ عَمَّا يُكْرَهُ. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَضْطَرَّ إلَى ذَلِكَ وَإِلَّا جَازَ. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ ﵁: إنَّا لَنُكَشِّرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ. قَالَ وَمَتَى قَدَرَ أَنْ لَا يُظْهِرَ مُوَافَقَتَهُمْ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ هَذَا لَيْسَ فِيهِ مُوَافَقَةٌ عَلَى مُحَرَّمٍ وَلَا فِيهِ كَلَامٌ، وَإِنَّمَا فِيهِ طَلَاقَةُ الْوَجْهِ خَاصَّةً لِلْمَصْلَحَةِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَائِشَةَ ﵂ «أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ، فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ. قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْت الَّذِي قُلْت ثُمَّ أَلَنْت لَهُ الْقَوْلَ،؟ قَالَ يَا عَائِشَةُ إنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ النَّاسُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ» . قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ مُدَارَاةُ مَنْ يَتَّقِي فُحْشَهُ وَلَمْ يَمْدَحْهُ النَّبِيُّ ﷺ وَلَا أَثْنَى عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ وَلَا فِي قَفَاهُ إنَّمَا تَأَلَّفَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا مَعَ لِينِ الْكَلَامِ.
وَقِيلَ لِلْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ عَقِيلٍ كَمَا فِي الْفُنُونِ: اسْمَعْ وَصِيَّةَ اللَّهِ ﷿ يَقُولُ ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: ٣٤] وَأَسْمَعُ النَّاسَ يَعُدُّونَ مَنْ يُظْهِرُ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ مُنَافِقًا فَكَيْفَ لِي بِطَاعَةِ اللَّهِ
1 / 208