198

Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Maison d'édition

مؤسسة قرطبة

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1414 AH

Lieu d'édition

مصر

Genres

Soufisme
قُلْ لِلْإِمَامِ الَّذِي تُخْشَى بَوَادِرُهُ ... مَالِي وَلِلْخَمْرِ أَوْ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجِ لَا تَجْعَلْ الظَّنَّ حَقًّا أَنْ تُبَيِّنَهُ ... إنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ الْخَائِفِ الرَّاجِي إنَّ الْهَوَى زُمَّ بِالتَّقْوَى فَحَبَّسَهُ ... حَتَّى يُقِرَّ بِإِلْجَامٍ وَإِسْرَاجِ قَالَ فَبَكَى عُمَرُ ﵁ وَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي زَمَّ الْهَوَى بِالتَّقْوَى. قَالَ وَطَالَ مُكْثُ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ بِالْبَصْرَةِ فَخَرَجَتْ أُمُّهُ يَوْمًا بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مُتَعَرِّضَةً لِعُمَرَ، فَإِذَا عُمَرُ قَدْ خَرَجَ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَبِيَدِهِ الدُّرَّةُ، فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَاَللَّهِ لَأَقِفَنَّ أَنَا وَأَنْتَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ ﷿ وَلَيُحَاسِبَنَّكَ، أَيَبِيتَنَّ عَبْدُ اللَّهِ وَعَاصِمٌ إلَى جَنْبِك وَبَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِي الْفَيَافِي وَالْأَوْدِيَةُ؟ فَقَالَ لَهَا إنَّ ابْنَايَ لَمْ تَهْتِفْ بِهِمَا الْهَوَاتِفُ فِي خُدُورِهِنَّ. ثُمَّ أَرْسَلَ عُمَرُ ﵁ بَرِيدًا إلَى الْبَصْرَةِ وَعَامِلُهُ فِيهَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ فَأَقَامَ أَيَّامًا ثُمَّ نَادَى عُتْبَةُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلْيَكْتُبْ فَإِنَّ الْبَرِيدَ خَارِجٌ، فَكَتَبَ نَصْرُ بْنُ حَجَّاجٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، سَلَامٌ عَلَيْك، أَمَّا بَعْدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: لَعَمْرِي لَئِنْ سَيَّرْتَنِي أَوْ حَرَمْتنِي ... وَمَا نِلْت مِنْ عِرْضِي عَلَيْك حَرَامُ فَأَصْبَحْت مَنْفِيًّا عَلَى غَيْرِ رِيبَةٍ ... وَقَدْ كَانَ لِي بِالْمَكَّتَيْنِ مُقَامُ أَأَنْ غَنَّتْ الذَّلْفَاءُ يَوْمًا بِمُنْيَةٍ ... وَبَعْضُ أَمَانِيِّ النِّسَاءِ غَرَامُ ظَنَنْت بِي الظَّنَّ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ ... بَقَاءٌ وَمَالِي جُرْمَةٌ فَأُلَامُ فَيَمْنَعُنِي مِمَّا تَقُولُ تَكَرُّمِي ... وَآبَاءُ صِدْقٍ سَابِقُونَ كِرَامُ وَيَمْنَعُهَا مِمَّا تَقُولُ صَلَاتُهَا ... وَحَالٌ لَهَا فِي قَوْمِهَا وَصِيَامُ فَهَاتَانِ حَالَانَا فَهَلْ أَنْتَ رَاجِعِي ... فَقَدْ جُبَّ مِنِّي كَاهِلٌ وَسَنَامٌ فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الْكِتَابَ قَالَ: أَمَّا وَلِيُّ السُّلْطَانِ فَلَا، فَأَقْطَعَهُ دَارًا بِالْبَصْرَةِ وَدَارًا فِي سُوقِهَا. فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ رَكِبَ نَاقَتَهُ وَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْمَدِينَةِ قُلْت: وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ سَيِّدَنَا عُمَرَ ﵁ لَمَّا أَخْرَجَ نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ قَالَ لَهُ أَتَمَنَّى قَتْلَ نَفْسِي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ ﵁ كَيْفَ؟ قَالَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ﴾ [النساء: ٦٦] فَقَرَنَ هَذَا بِهَذَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ ﵁ مَا أَبْعَدْت وَلَكِنْ أَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ﴾ [هود: ٨٨] وَقَدْ أَضْعَفْت

1 / 205