Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Maison d'édition
مؤسسة قرطبة
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Soufisme
فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: تَبْكِي وَأَنْتَ تَنْهَى النَّاسَ؟ فَقَالَ إنِّي لَمْ أَنْهَ عَنْ الْبُكَاءِ وَإِنَّمَا نَهَيْت عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ، صَوْتٍ عِنْدَ نِعْمَةٍ لَهْوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرِ شَيْطَانٍ، وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشِ وُجُوهٍ وَشَقِّ جُيُوبٍ وَرَنَّةٍ. وَهَذَا هُوَ رَحْمَةٌ، وَمَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ. لَوْلَا أَنَّهُ أَمْرٌ حَقٌّ وَوَعْدٌ صِدْقٌ وَأَنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ أَوَّلَنَا لَحَزِنَّا عَلَيْك أَشَدَّ مِنْ هَذَا، وَإِنَّا بِك لَمَحْزُونُونَ. تَبْكِي الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ؟ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ دَعْهُمَا، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزَتْهُمَا فَخَرَجَتَا» وَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْمِيَةَ الْغِنَاءِ مِزْمَارَ الشَّيْطَانِ وَإِنَّمَا أَقَرَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَنَّهُمَا جَارِيَتَانِ غَيْرُ مُكَلَّفَتَيْنِ يُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ الْأَعْرَابِ فِي الَّذِي قِيلَ فِي يَوْمِ حَرْبِ بُعَاثٍ مِنْ الشُّجَاعَةِ وَالْحَرْبِ، وَكَانَ الْيَوْمُ يَوْمَ عِيدٍ.
وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي رَحْمَةً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَمْحَقَ الْمَزَامِيرَ وَالْكَبَارَاتِ» يَعْنِي الْبَرَابِطَ وَالْمَعَازِفَ وَالْأَوْثَانَ الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. (وَ) يَحْرُمُ أَيْضًا (شَبَّابَةٌ) وَهِيَ الْيَرَاعُ مِنْ جُمْلَةِ آلَاتِ اللَّهْوِ (وَ) يَحْرُمُ أَيْضًا (مَا) أَيْ الَّذِي (يُضَاهِيهِمَا) أَيْ يُشَابِهُهُمَا وَيُمَاثِلُهُمَا مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ، يُقَالُ ضَاهَاهُ شَاكَلَهُ.
وَنَبَّهَ النَّاظِمُ بِتَحْرِيمِ الْأَخَفِّ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَشَدِّ مِنْ بَابِ أَوْلَى. قَالَ فِي إغَاثَةِ اللَّهْفَانِ: إذَا كَانَ الزَّمْرُ الَّذِي هُوَ أَخَفُّ آلَاتِ اللَّهْوِ حَرَامًا فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ كَالْعُودِ وَالطُّنْبُورِ. قَالَ وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ شَمَّ رَائِحَةَ الْعِلْمِ أَنْ يَتَوَقَّفَ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ. وَأَقَلُّ مَا فِيهِ أَنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْفُسَّاقِ وَشَارِبِي الْخُمُورِ. وَنُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵁ صَرِيحَةٌ بِتَحْرِيمِ الْمِزْمَارِ وَالشَّبَّابَةِ وَنَحْوِهِمَا (مِنْ) كُلِّ آلَةُ اللَّهْوِ وَ) آلَةِ الْفِعْلِ (الرَّدِي)
1 / 149