Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières

Muhammad ibn Ahmad al-Safarini d. 1188 AH
107

Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Maison d'édition

مؤسسة قرطبة

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1414 AH

Lieu d'édition

مصر

Genres

Soufisme
يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ لَنَا وَلَهُ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ: يَذْكُرُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «إنَّ مِنْ كَفَّارَةِ الْغِيبَةِ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِمَنْ اغْتَبْته تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلَهُ» ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ وَقَالَ فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهُمَا هَلْ يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ مِنْ الْغِيبَةِ الِاسْتِغْفَارُ لِلْمُغْتَابِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ وَتَحَلُّلِهِ. قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعْلَامِهِ بَلْ يَكْفِيهِ الِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَذِكْرُهُ بِمَحَاسِنِ مَا فِيهِ فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي اغْتَابَهُ فِيهَا. وَهَذَا اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَغَيْرِهِ. قَالَ وَاَلَّذِينَ قَالُوا لَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ جَعَلُوا الْغِيبَةَ كَالْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ، فَإِنَّ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ يَنْتَفِعُ الْمَظْلُومُ بِعَوْدِ نَظِيرِ مَظْلِمَتِهِ إلَيْهِ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا. وَأَمَّا فِي الْغِيبَةِ فَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ بِإِعْلَامِهِ إلَّا عَكْسُ مَقْصِدِ الشَّارِعِ، فَإِنَّهُ يُوغِرُ صَدْرَهُ وَيُؤْذِيهِ إذَا سَمِعَ مَا رُمِيَ بِهِ، وَلَعَلَّهُ يُهَيِّجُ عَدَاوَتَهُ وَلَا يَصْفُو لَهُ أَبَدًا. وَمَا كَانَ هَذَا سَبِيلُهُ فَالشَّارِعُ الْحَكِيمُ لَا يُبِيحُهُ وَلَا يُجِيزُهُ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُوجِبَهُ وَيَأْمُرَ بِهِ. وَمَدَارُ الشَّرِيعَةِ عَلَى تَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا لَا عَلَى تَحْصِيلِهَا وَتَكْمِيلِهَا. انْتَهَى. وَهُوَ كَمَا تَرَى فِي غَايَةِ التَّحْقِيقِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ. (تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ الْغِيبَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدِّينِ لَا فِي الْخِلْقَةِ وَالْحَسَبِ، وَأَنَّ قَوْمًا قَالُوا عَكْسَ هَذَا، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، لَكِنَّ قَيْدَ الْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلِ إذَا قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الْعَيْبِ، وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْغِيبَةَ مِنْ الْكَبَائِرِ. قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَفِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: أَنَّ الْغِيبَةَ وَالنَّمِيمَةَ مِنْ الصَّغَائِرِ. انْتَهَى. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْإِقْنَاعِ. . (فَرْعٌ): الْغِيبَةُ لَا تُفْطِرُ الصَّائِمَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِقْهًا. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَيَتَعَاهَدُ صَوْمَهُ بِصَوْنِ لِسَانِهِ مِنْ نَحْوِ غِيبَةٍ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ. وَمَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ قَوْلِهِ «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْجَهْلَ وَالْعَمَلَ بِهِ» . وَقَوْلُهُ ﷺ «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إنَّمَا الصِّيَامُ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ»

1 / 114