Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières

Muhammad ibn Ahmad al-Safarini d. 1188 AH
101

Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Maison d'édition

مؤسسة قرطبة

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1414 AH

Lieu d'édition

مصر

Genres

Soufisme
وَكَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَحْصِيلَ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ فَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ. قَالَ وَقَدْ قَرَّرَ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ هَذَا فِي كُتُبِهِمْ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَذَكَرُوا الْفَرْقَ بَيْنَ جَرْحِ الرُّوَاةِ وَالْغِيبَةِ، وَرَدُّوا عَلَى مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُتَعَبِّدِينَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا يَتَّسِعُ عِلْمُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّعْنِ فِي رُوَاةِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ مَنْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ مِنْهُمْ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ، وَبَيْنَ تَبَيُّنِ خَطَأِ مَنْ أَخْطَأَ فِي فَهْمِ مَعَانِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَتَأَوَّلَ شَيْئًا مِنْهُمَا عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ أَوْ تَمَسَّكَ مِنْهُمَا بِمَا لَا يُتَمَسَّكُ بِهِ لِيَحْذَرْ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِيمَا أَخْطَأَ بِهِ. قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ أَيْضًا. قُلْت: وَقَدْ مَرَّ قَرِيبًا عَنْ صَاحِبِ الْآدَابِ أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ، لَكِنَّ مُرَادَ الْحَافِظِ بِالْجَوَازِ مَا لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلِهَذَا تَجِدُ كُتُبَهُمْ الْمُصَنَّفَةَ فِي أَنْوَاعِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ التَّفْسِيرِ وَشُرُوحِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مُمْتَلِئَةً مِنْ الْمُنَاظَرَاتِ وَرَدِّ أَقْوَالِ مَنْ تَضْعُفُ أَقْوَالُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا أَدَّعِي أَنَّ فِيهِ طَعْنًا عَلَى مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَا ذَمًّا وَلَا تَنْقِيصًا. قَالَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ يَفْحُشُ فِي الْكَلَامِ يُسِيءُ الْأَدَبَ فِي الْعِبَارَةِ فَيُنْكِرُ عَلَيْهِ إفْحَاشَهُ وَإِسَاءَتَهُ دُونَ أَصْلِ رَدِّهِ، قَالَ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عُلَمَاءَ الدِّينِ كُلَّهُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى قَصْدِ إظْهَارِ الْحَقِّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ. وَأَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَأَنْ تَكُونَ كَلِمَتُهُ هِيَ الْعُلْيَا، وَكُلُّهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الْإِحَاطَةَ بِالْعِلْمِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ شُذُوذِ شَيْءٍ مِنْهُ لَيْسَ هُوَ مَرْتَبَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا ادَّعَاهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، فَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ الْمُجْمَعِ عَلَى عِلْمِهِمْ وَفَضْلِهِمْ يَقْبَلُونَ الْحَقَّ مِمَّنْ أَوْرَدَهُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا وَيُوصُونَ أَتْبَاعَهُمْ وَأَصْحَابَهُمْ بِقَبُولِ الْحَقِّ إذَا ظَهَرَ فِي غَيْرِ قَوْلِهِمْ، كَمَا قَالَ عُمَرُ ﵁ لَمَّا خَطَبَ وَنَهَى عَنْ الْمُغَالَاةِ فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ وَرَدَّتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا﴾ [النساء: ٢٠] فَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَقَالَ امْرَأَةٌ أَصَابَتْ وَرَجُلٌ أَخْطَأَ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ أَحَدٍ أَفْقَهُ مِنْ عُمَرَ. وَذَكَرَ مِنْ هَذَا أَشْيَاءَ نَفِيسَةً جِدًّا ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ هَذَا يَعْنِي النَّظَرَ لِلْمَقَاصِدِ وَالْمَصْلَحَةِ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ مَا يَكْرَهُهُ طَبْعُهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النُّصْحِ فَهُوَ حَسَنٌ.

1 / 108