فإذا أصلحت القوى الثلاث وضبطت على الوجه الذي ينبغي، وإلى الحد الذي ينبغي، وجعلت القوتان منقادتين للثالثة التي هي الفكرية العقلية؛ فقد حصلت العدالة، وبمثل هذا العدل قامت السموات والأرض، وهي جماع مكارم الشريعة وطهارة النفس وحسن الخلق، كقوله
صلى الله عليه وسلم : «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا وألطفهم بأهله»، وقوله: «أحبكم إلي أحاسنكم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون.»
أمهات الفضائل النفسية
وانتقل الغزالي من تلك القوى الثلاث التي يجب تهذيبها إلى الفضائل النفسية، فقسمها إلى أربعة أصول رئيسية تشتمل شعبها وأنواعها على الفضائل عامة، وهي:
الحكمة، والشجاعة، والعفة، والعدالة.
فالحكمة فضيلة القوة العقلية، والشجاعة فضيلة القوة الغضبية، والعفة وكمالها الورع فضيلة القوة الشهوانية.
فالحكمة:
تنطوي تحتها العلوم اليقينية الصادقة التي لا تختلف باختلاف العصور والأمم، كالعلم بالله تعالى وصفاته وكتبه ورسله وأصناف خلقه في العالم، والعلوم التي تساس بها قوى النفس، وتساس بها الجماعات والأمم.
والشجاعة:
وكمالها المجاهدة والعدالة، ينطوي تحتها الكرم والنجدة وكبر النفس، والاحتمال والحلم والثبات والنبل والشهامة والوقار.
Page inconnue