بسم الله الرحمن الرحيم
/قال أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب الأزهري:
سبحان من له في كل شيء شاهد بأنه إله واحد، وفي جميع ما أدركه بصر وأفضى إليه نظر دليل قائم على أنه قديم قادر، ينطق برهانه عن كل محسوس، ويعقل سلطانه عن كل موجود، دل على أنه حكيم عالم بخلق أحكمه، وقضاء أبرمه، وصنع أتقنه، وإنسان كونه خصيمًا مبينًا وجدلًا منطيقًا، من نطفة أمشاج وماء مهين، سمك السماء فليس بها فطور، وخلق الأفلاك ذائبة الحركات فليس لها فتور، كساها من الأنجم الزهر لباسًا، ووكل بها من الشهب الثاقبة حراسًا، فلا على عمد رفع السماء، ولا على مثال أحدث الأشياء، ذلك صنع من لا تعتوره الأحوال، ولا تقرن إليه الأشكال، ولا يلحق به الأولاد ولا يقاس إليه الأنداد، فالق الحب وبادئ النسم، وموجد الأشياء من بعد العدم، وخالق الأنوار والظلم، كل شيءٍ له مسبح، وبإخبار ذوي العقول أنه/ القديم الأول، مصرح، جل فيما أنشأ وفطر عن وزير وتعالى فيما دبر وقدر عن ظهير، واستغنى عن مشير، وتقدس عن نظير، فسبحانه ملكًا عنت الوجوه له، وربًا إليه المصير، وإلهًا يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وصلى الله على من تناسخته أرحام مطهرة، وأصلاب مكرمة، فأدته طاهرًا نجاره، زاكيًا نصابه، منتظرًا للأمر العظيم والخطب الجسيم، متوسمًا نور النبوة بين عينيه، معاينًا خاتم الرسالة بين كتفيه، محروسًا في نشئه وأجزاء عمره إلى استكماله قوى عقله، وتدريج الله إياه في مراقي التشريف إلى المقضي من أمره فأصبحه المعجزات وشيعه بالبينات، وحفه بالضياء، وغشاه بالنور، وختم به الدنيا، وفتح به الآخرة، وأرسله إلى الثقلين بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فحمل أثقال النبوة ونهض بأعباء الرسالة، وجاهد في إيضاح السبل، وصبر صبر أولي العزم من الرسل،
1 / 33
وتلقى الأذى في ربه برحب من قلبه، وانشراح من صدره، على ما لقى في الله ﷿ وحده، حتى أنجز وعده، وأسبغ عليه فضله، وأظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابًا متشابهًا/ مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، جعله نورًا مبينًا وحبلًا متينًا، وكساه نظمًا بديعًا، ونسقًا عجيبًا، ناقدًا للعادة، غريبًا أذل به رقابًا ساسية، ونكس به أبصارًا طامحة، وضرب فيه أمثالًا واضحةً وأخرس به ألسنًا ناطقة، وأفحم به قومًا لدًا، وجعله للحكم مستودعًا ولكل علم منبعًا، وإلى يوم القيامة نجمًا طالعًا، ومنارًا لامعًا، وعلمًا ظاهرًا لا يخلقه الزمان، ولا يذهب برونقه التكرار، ولا يطفئ نوره الاستكثار لا الأسماع تمجه، ولا الطباع تمله، شفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين.
والحمد لله الذي جعل صدورنا أوعية كتابه، وآذاننا موارد سنن نبيه ﷺ، وهممنا مصروفة إلى تعلمهما، وإرادتنا منوطة بتدبرهما والبحث عن معانيهما وغرائبهما، طالبين بذلك رضا رب العالمين ومتدرجين به إلى علم الملة والدين، وفقنا الله فيهما لسلوك سبيل الرشاد وهدانا إلى منهج القصد والسداد، ويسرنا لمصالح عاجلتنا وآجلتنا، ومعاشنا ومعادنا، بمنه وطوله، وقوته وحوله.
وبعد:
فإن اللغة العربية/ إنما يحتاج إليها لمعرفة غريبي القرآن وأحاديث الرسول ﷺ، والصحابة والتابعين. والكتب المؤلفة فيها جمة وافرة، وفي كل منها فائدة، وجمعها متعب وحفظها عن آخرها معجز، هذا! والأعمار قصيرة والعلوم كثيرة، والهمم ساقطة، والرغبات نائمة، والمستفيد مستعجل، والحفظ تحليل، والحرص قليل، فمتى اشتغل المرء بتحصيلها كلها بعدت عليه الشقة، وعظمت الكلفة، وفات الوقت، واستولى الضجر، فقبض عن النظر فيما هو أولى بالنظر.
1 / 34
وكنت أرجو أن يكون سبقني إلى جمعهما، وضم كل شيء إلى لفقه منهما، على ترتيب حسن، واختصار كاف، سابق، فكفاني مؤونة الدأب وصعوبة الطلب فلم أجد أحدًا عمل ذلك إلى غايتنا هذه، فاستخرت الله- ﷿ وتقدس- فيه، وسألته التوفيق له، ليكون تذكرة لنفسي مدة حياتي، وأثرًا حسنًا لي بعد وفاتي، إن شاء الله ﷿، وبه الثقة.
وكتابي هذا لمن حمل القرآن وعرف الحديث ونظر في اللغة، ثم احتاج إلى معرفة الحروف المعجمة نبدأ بالهمزة فنفيض بها على سائر الحروف حرفًا حرفًا، ونعمل لكل حرف بابًا ونفتتح/ كل باب بالحرف الذي يكون آخره الهمزة ثم الباء ثم التاء ثم الثاء إلى آخر الحروف، إلا أن لا نجده فنتعداه إلى ما نجده على الترتيب فيه، ثم نأخذ في كتاب الباء على هذا العمل، إلى أن تنتهي بالحروف كلها إلى آخرها؛ ليصير المفتش عن الحرف إلى إصابته من الكتاب، بأهون سعي وأخف طلب.
وشرطي فيه الاختصار، إلا إذا اختل الكلام دونه، وترك الاستظهار بالشواهد الكثيرة، إلا إذا لم يستغن عنها، وليس لي فيه إلا الترتيب والنقل من كتب الإثبات الثقات، طلبًا للتخفيف، وحذفًا للتطويل، وحصرًا للفائدة، وتوطئة للسبيل. فمن حفظه كان كمن حصل تلك الكتب عن آخرها، واستأثر بنكتها، وشرب زلالها، وسلبها جريًا لها.
وبالله ﷿ أستعين وعليه أتوكل وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وصلى الله على محمد سيدي وسيد المسلمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين.
1 / 35
الهمزة
أ
1 / 36
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الهمزة
قال أبو عبيد أحمد بن محمد صاحب أبي منصور الأزهري رحمهما الله: قلت: وبالله التوفيق: الألف عند العرب/ ألفان؛ ألف مهموزة وهي الهمزة، ونما جعلت صورتها ألفًا؛ لأن الهمزة لا تقوم بنفسها، ألا تراها تنقلب في الرفع واوًا وفي الفتح ألفًا، وفي الكسر ياءًا، والألف الأخرى هي التي تكون مع اللام في الحروف المعجمة، وهي ساكنة، لا ألف في الكلام غير هاتين.
***
باب الهمزة مع الباء
(أب ب)
قوله تعالى: ﴿وفاكهة وأبا﴾، قال ابن اليزيدي: الأب: المرعي.
وقال غيره: الأب للبهائم كالفاكهة للناس.
وقال شمر: الأب: مرعي للسوائم. وأنشد وقال:
ليس شيء من الدواب يؤبر أثره .... حتى لا يعرف طريقه إلا التفة
وهو عناق الأرض.
1 / 37
(أب ط)
وفي الحديث: (كانت رديته التأبط) وهو أن يدخل الرجل الثوب تحت يده اليمنى فيلقيه على منكبه الأيسر.
وقال عمرو بن العاص لعمر: (إنني والله ما تأبطتني الإماء) أي لم يحضنه ولم يتولين تربيته.
فأنزلت ماء من المعصرات .... فأنبت أبا وغلب الشجر
(أب د)
في الحديث: (إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش) الأوابد: التي قد تأبدت؛ أي توحشت ونفرت من الإنس، وقد أبدت تأبد وتأبد، وتأبدت الديار: أي توحشت وخلت من قطانها، ومنه قولهم: جاء بابدة: أي بكلمة أو خصلة ينفر منها ويستوحش عنها.
(أب ر)
في الحديث: (خير المال مهرة مأمورة أو سكة مأبورة) المأبورة: الملقحة. يقال: أبرت النخلة آبرها، فأبرت/ وتأبرت أي: قبلت الإبار.
1 / 38
ومنه الحديث: (من باع نخلًا قد أبرت) أي لقحت أراد: خير المال نتاج أو زرع.
وفي حديث الشورى: (وتؤبروا آثاركم) قال الرياشي: أي تعفوا عليها.
(أب ل)
قوله تعالى: ﴿طيرًا أبابيل﴾ أي جماعات في تفرقة، قال بعضهم: لا واحد لها. وقيل في واحدها: إبيل. قياسًا لا سماعًا، وقيل: واحدها: إبول، مثل عجول وعجاجيل. [وقال الأزهري: لم يصح لي في واحدها شيء].
وفي الحديث: (تأبل آدم على حواء بعد مقتل ابنه) أي توحش عنها وترك غشيانها. يقال: أبلت الإبل وتأبلت: إذا اجتزأت بالرطب عن الماء.
(أب ن)
وفي الحديث في وصف مجلس رسول الله ﷺ: (لا تؤبن فيه الحرم) أي لا يذكرن بقبيح. كان يصان مجلسه عن رفث القول وفحش الكلام. ومنه
1 / 39
الحديث الآخر: (أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي) قال أبو العباس [أي اتهموها، قال]. والأبن: التهمة، يعني حديث الإفك.
وفي الحديث: (نهى عن الشعر إذا أبنت فيه النساء) أي ذكرن بالسوء.
وفي حديث أبي الدرداء: (أن نؤبن بما ليس فينا فربما زكينا بما ليس فينا) أي: إن/ نتهم وننسب إلى سوء من الفعال وقبيح من المقال.
يقال: أبنت الرجل آبَنُه وآبُنُه: إذا رميته بخلة سوء. ورجل مأبون: أي مقروف بها.
وقيل: هو مأخوذ من الأبن، وهي العقد تكون في القسي تعاب بها وتفسدها. الواحدة: أبنة.
(أب هـ)
قوله تعالى: ﴿يا أبت لم تعبد﴾ يقال في النداء: يا أبه، ويا أبتا، ويا أبتي قال الفراء: الهاء فيها هاء وقفة، فكثرت في الكلام حتى صارت كهاء التأنيث وأدخلوا عليها الإضافة.
1 / 40
وفي الحديث: (رب ذي طمرين لا يؤبه له) أي لا يحتفل به لحقارته.
يقال: ما وبهت له، وما وبهت له، وما أبهت له، وما أبهت له، وما بهت، وما بهت، وما بأهت، وما بهأت. كل ذلك واحد.
باب الهمزة مع التاء
(أت ب)
في الحديث: (وعليها إتب لها وإزار) الإتب: البقيرة، وهي بردة تشق فتلبسها المرأة من غير كمين ولا جيب.
(أت ى)
قوله تعالى: ﴿أتى أمر الله فلا تستعجلوه﴾ قال أبو عبد الله إبراهيم بن عرفة، نفطوية تقول العرب: (أتاك الأمر) وهو متوقع بعد. أي أتى أمر الله وعدًا فلا تستعجلوه وقوعًا.
1 / 41
وقوله تعالى: ﴿فأتى الله بنيانهم من القواعد﴾ قال ابن الأنباري: المعنى: فأتى الله مكرهم من أصله، / أي عاد ضرر المكر عليهم. وذكر الأساس مثلًا، وكذلك السقف، ولا أساس ثم ولا سقف.
وفي التفسير أنه أراد سبحانه بالبنيان صرح النمروذ، فخر سقفه عليهم، وقلعه الله ﷿ من أصله.
يقال: أتي فلان من مأمنه، أي أتاه الهلاك من جهة أمنه. والقواعد: أساس البناء وأصوله.
وقوله: ﴿إنه كان وعده مأتيًا﴾ هو مفعول من الإتيان، وكل ما أتاك فقد أتيته. يقال: أتاني خبره، وأتيت خبره.
وفي الحديث: (لولا أنه طريق ميتاء لحزنا عليك يا إبراهيم) أي طريق مسلوك. مفعال من الإتيان. وقال شمر: ميتاء الطريق وميداؤه مجحته.
ومنه الحديث: (ما وجدت في طريق ميتاء فعرفه سنة (: يعني: اللقطة.
وقوله تعالى: ﴿يأت بصيرًا﴾ أي: يعد بصيرًا كقوله: ﴿فارتد بصيرًا﴾.
1 / 42
وقوله: ﴿إلى الهدى ائتنا﴾ أي تابعنا في ديننا.
وقوله: ﴿وآتاهم تقواهم﴾ أي أعطاهم جزاء اتقائهم.
وقوله: ﴿ثم سئلوا الفتنة لآتوها﴾ أي لأعطوا ذلك من أنفسهم.
ومن قرأ: (لأتوها) أي لو ندبوا للفتنة لجاؤوه.
وقوله تعالى: ﴿فآتت أكلها ضعفين﴾ أي أعطت. والمعنى: أثمرت مثلى ما يثمر غيرها من الجنان. والأتاء: الريع.
وفي الحديث: (إنما هو أتي فينا) أي/ غريب. يقال رجل أتي وأتاوي.
ومنه حديث عثمان ﵁: (إنا رجلان أتاويان) وسيل أتي: جاءك ولم يجئك مطره.
وفي حديث ظبيان الوافد، وذرك ثمود وبلادهم، فقال: (أتوا جداولها) أي سهلوا طرق المياه إليها. يقال: أتيت للماء: إذا أصلحت مجراه حتى يجري إلى مقاصده.
***
1 / 43
باب الهمزة مع الثاء
(أث ث)
قوله تعالى: ﴿أثاثًا ومتاعًا إلى حين﴾ قال ابن عباس: أثاثًا: مالًا.
[وقال أبو عبيد]: وسمعت الإمام الأزهري يقول: الأثاث: متاع البيت، وجمعه: آثه وأثث وقال غيره: الأثاث ما يلبس ويفترش. وقد تأثثت: إذا اتخذت أثاثًا.
(أث ر)
قوله تعالى: ﴿تالله لقد آثرك الله علينا﴾ أي فضلك. يقال: له على أثره: أي فضل.
وفي الحديث: (إنكم ستلقون بعدي أثرة) أي يستأثر عليكم، فيفضل غيركم نفسه عليكم في الفئ. والأثرة: اسم من آثر يؤثر إيثارًا. قال الأعشي:
استأثر الله بالبقاء وبالـ .... عدل وولى الملامة الرجلا
أي تفرد بالبقاء ﷻ.
[قال أبو عبيد]: وسمعت الأزهري يقول: الأثرة: الاستئثار، والجمع: الإثر. قال الحطيئة في عمر بن الخطاب رضي/ الله عنه:
1 / 44
ما آثروك بها إذ قدموك لها .... لكن لأنفسهم كانت بك الإثر
وقوله تعالى: ﴿إن هذا إلا سحر يؤثر﴾ أي يرويه واحد عن واحد.
ومنه يقال حديث مأثور: أي يأثره عدل عن عدل. ومن ذلك: مآثر العرب وهي مكارمها التي تؤثر عنهم. الواحدة: مأثرة.
وفي الحديث: (ألا إن كل دم ومال ومأثرة كانت في الجاهلية فإنها تحت قدمي هاتين) يقال: أثر الحديث آثره: إذا رويته.
وفي حديث عمر: (ما حلفت بها ذاكرًا ولا آثرا) أي حاكيًا إياه عن أحد.
وقله تعالى: ﴿أو أثارة من علم﴾ وقرئ﴾ أو أثرة﴾ أي من علم مأثور ويقال بقية من علم. والأثارة والأثر: البقية. يقال: ما ثم عين ولا أثر.
وفي الحديث: (من سره أن يبسط الله في رزقه وينسأ في أثره فليصل رحمه).
1 / 45
قوله: ﴿في أثره﴾ أي في أجله وسمي الأجل أثرًا؛ لأنه يتبع العمر. قال كعب بن زهير:
يسعى الفتى لأمور ليس يدركها .... والنفس واحدة والهم منتشر
والمرء ما عاش ممدود له أمل .... لا ينتهي العمر حتى ينتهي الأثر
وقوله تعالى: ﴿ونكتب ما قدموا وآثارهم﴾ أي ما قدموه من الأعمال، وسنوه بعدهم من السنن، / فعمل بها.
(أث ل)
وفي الحديث (غير متأثل مالًا) أي غير جامع. وكل شيء له أصل قديم، أو جمع حتى يصير له أصل فهو مؤثل. ومجد مؤثل. وأثلة الشيء: أصله.
(أث م)
قوله تعالى: ﴿والإثم والبغي﴾ قال الفراء: الإثم: ما دون الحد. والبغي: الاستطالة على الناس. أي: وحرم الإثم والبغي.
وقيل: الإثم: الخمر، والبغي: الفساد. وقال:
شربت الإثم حتى ضل عقلي .... كذاك الإثم تذهب بالعقول
وقوله تعالى: ﴿لا لغو فيها ولا تأثيم﴾ أي لا مأثم فيها ولا سكر، بل هي مباحة، وليست كشراب الدنيا، مؤثمًا مسكرًا.
1 / 46
وقوله تعالى: ﴿كل كفار أثيم﴾ يقال: رجل أثيم ومأثوم وأثوم أي: متحمل للآثام.
وقوله تعالى: ﴿طعام الأثيم﴾ هو الكافر.
وقوله تعالى: ﴿وهو يفعل ذلك يلق أثامًا﴾ الأثام: جزاء الإثم. يقال: أثمه يأثمه: إذا جازاه جزاء إثمه، أنشدني الأزهري:
وهل يأثمني الله في أن ذكرتها .... وعللت أصحابي بها ليلة النفر
وفي الحديث: (ما علمت أحدًا منهم ترك الصلاة على أحد من أهل القبلة تأثما) أي تجنبًا للإثم.
(أث ا)
وفي الحديث: (لآتين عليا فلأثين بك) أي: لأشين بك. يقال: أثوت بالرجل، / وأثيت به: إذا وشيت به، كما تقول: حنوت العود وحنيته وأثيت فلانا، وأثوته.
***
باب الهمزة مع الجيم
(أج ج)
قوله تعالى: ﴿ملح أجاج﴾ الأجاج: أشد الماء ملوحة لا يمكن ذوقه من أجوجته.
1 / 47
وفي الحديث: (فخرج بها يؤج) أي يسرع. يقال: أج يؤج أجًا. ويقال: الأج: الهرولة.
(أج ر)
قوله تعالى: ﴿وعلى أن تأجرني ثماني حجج﴾ أي تكون أجيرًا لي.
ويقال: أي تجعل ثوابي من تزويجي إياك ابنتي رعى غنمي هذه المدة.
يقال: آجره الله يأجره: أي أثابه الله ﷿ ويقال لمهر المرأة: أجر، لأنه عوض من بضعها.
قال الله تعالى: ﴿آتيت أجورهن﴾ أي مهورهن.
ومنه قوله تعالى: ﴿فله أجره عند ربه﴾ أي عوضه.
وقوله تعالى: ﴿وآتيناه أجره في الدنيا﴾ يقال: هو لسان الصدق. وقيل: هو أن الأنبياء من نسله وقيل: أري مكانه في الجنة.
وفي الحديث، في الأضاحي: (كلوا وادخروا وائتجروا) أي تصدقوا طالبين الأجر بذلك. ويجوز: (اتجروا) مثال: اتخذ كذا، والأصل: ائتخذ
1 / 48
أدغمت الهمزة في التاء.
ومنه الحديث: أن رجلًا دخل المسجد وقد قضى النبي ﷺ صلاته، فقال: (من/ يتجر فيقول فيصلي معه).
وفي الحديث: (من بات على إجار) الإجار: السطح الذي ليس حواليه ما يرد المشفي. وجمعه: أجارجير وأجاجرة والإنجار: لغة فيه.
وجاء في الهجرة: (فتلقى الناس رسول الله ﷺ في السوق وعلى الأناجير) يعني السطوح.
(أج ل)
قوله تعالى: ﴿ثم قضى أجلًا وأجل مسمى عنده﴾ قال ابن عرفة: الأجل المقضي: الدنيا والحياة، والمسمى هو أمر الآخرة.
1 / 49
وقوله تعالى: ﴿من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل﴾ أي من جرائه ومن جنايته.
يقال: أجلت الشيء آجله أجلًا: إذا جنيته.
وفي حديث زياد: (لهو أشهى إلي من رصية فثئت بسلالة سغب في يوم شديد الوديقة ترمض في الآجال) قلت: الآجال: أقاطيع الظباء. وإحداها: إجل.
وفي حديث مكحول: (كنا بالساحل مرابطين فتأجل متأجل) أي استأذن في الرجوع إلى أهله، وطلب أن يضرب له الأجل على ذلك.
(أج م)
وفي الحديث: (حتى توارث بآجام المدينة) وإحداها: أجم وهي الحصون والقصور وكذلك الآطام وأحدها أطم.
(أج ن)
في حديث ابن مسعود: (قالت له امرأته: أجنك من أصحاب محمد) تريد أمن أجل أنك فتركت من واللام والهمزة والعرب تفعل ذلك.
باب الهمزة مع الحاء
(أح د)
(أحد) بضمتين جبل بمدينة النبي ﵊ من جهة الشام وكان به
1 / 50
إلى في شوال سنة ثلاث من الهجرة وهو مذكر فينصرف وقيل: التأنيث على البقعة بالقوى والأحد بمعنى الواحد وأصله وحد بالواو.
في الحديث (سئل ابن عباس ﵁ عن رجل تتابع عليه رمضانان فسكت ثم سأله آخر عنها فقال ابن عباس: إحدى من سبع يصوم شهرين/ ويطعم ستين مسكينا) قال شمر: فما بلغني إذا اشتدت الفتيا فيه وخص السبع لأن الأشياء كلها تدور على السبع، وقيل: يريد سنى يوسف سبع شداد أي إنها في الشدة والصعوبة كإحدى تلك السنين، وقد تكون من الليالي السبع التي أرسل الله فيها العذاب على عاد، وقال الأصمعي: في قول الناس عمل به عمل سبعة إنما أراد عمل سبعة من السبع، ولكنه خفف سبعة جمع سابع مثل كافر وكفرة، والعرب تقول في هذا المعنى؛ إحدى بنات طبق إحدى المعضلات، وكل منهم طبق، ومن هذا قيل للرجل الأحمق: طباقاء ومعناه أنه لا يهتدي إلى رشده وقال الأصمعي الطباقاء الذي أمره منطبق عليه والطبق الحال أيضا قال الله تعالى: ﴿لتركبن طبقًا عن طبق﴾. أي حالًا بعد حال وقال كعب بن زهير:
كذلك المرء إن يقدر له أجل .... يركب به طبق من بعده طبق
(أحن)
وفي حديث معاوية بن أبي سفيان (أنه رأى يزيد يضرب غلامًا له فقال: سؤة لك تضر بمن لا يستطيع أن يمتنع والله لقد منعتني/ القدرة من ذوي الحنات) الحنات جمع حنة وهي لغة رديئة واللغة العالية أحنة، قال الأصمعي: يقال في صدره عليك أحنة ولا يقل حبة قال الشاعر:
إذا كان في نفس ابن عمه أحنة .... فلا يستترها سوف يبدو دفينها
وتجمع على الأحن.
1 / 51
باب الهمزة مع الخاء
(أخ ذ)
قوله تعالى: ﴿أخذنا أمرنا من قبل﴾ أي الاحتياط والحزم.
وقوله: ﴿ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها﴾ أي هي في قبضته، ينالها بما شاء من قدرته.
وقوله تعالى: ﴿لو شئت لتخذت عليه أجرًا﴾ أي لأخذته، يعني: أجرة إقامة الحائط. يقال: اتخذ يتخذ، وتخذ يتخذ. وأصل تخذت: أخذت وأصل اتخذت: ائتخذت؛ افتعلت من الأخذ.
وقوله عز من قائل: ﴿ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون﴾ أي اتخذتموه إلهًا، واكتفى بقوله﴾ اتخذتم﴾ لعلم المخاطب به.
وقوله تعالى: ﴿وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه﴾ أي ليوقعوا به.
كما قال ﷻ: ﴿وكذلك أخذ ربك﴾ يعني أخذ العقوبة. ويقال للأسير: أخيذ/.
ومنه قوله ﷿: ﴿وخذوهم واحصروهم﴾ أي ائسروهم.
1 / 52