ومن قرأها: "أو نَنْسَأْهَا". بالهمز (١) . أراد: نؤخِّرها فلا نَنْسَخها إلى مدة. ومنه النَّسِيئَةُ في البيع؛ إنما هو: البيع بالتَّأْخير. ومنه النَّسِيء في الشهور؛ إنما هو: تأخير تَحْرِيمِ "المُحَرَّم" (٢) .
﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا﴾ أي: بأفضلَ منها. ومعنى فَضْلِها: سهولتُها وخفتُها (٣) .
* * *
١٠٨- ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ أي ضلَّ عن وسط الطريق وقَصْدِه.
١١٤- ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ نزلت في "الرُّوم" حين ظهروا على "بيت المقدس" (٤) فخرَّبوه. فلا يدخله أحد أبدًا منهم إلا خائف.
﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ﴾ أي هوان. ذكر المفسرون: أنه فتح مدينتهم رُومِيَةَ.
_________
(١) في البحر المحيط ١/٣٣٤ "قرأ عمر، وابن عباس، والنخعي، وعطاء، ومجاهد، وعبيد بن عمير؛ ومن السبعة ابن كثير، وأبو عمرو -: "أو ننسأها" بفتح نون المضارعة والسين وسكون الهمزة".
(٢) في اللسان ١/١٦١ " ... وذلك أن العرب كانوا إذا صدروا عن "منى" يقوم رجل منهم من "كنانة" فيقول: " أنا الذي لا أعاب ولا أجاب ولا يرد لي قضاء" فيقولون: صدقت، أنسئنا شهرا. أي أخر عنا حرمة "المحرم" واجعلها في "صفر". وأحل "المحرم" لأنهم كانوا يكرهون أن يتوالى عليهم ثلاثة أشهر حرم لا يغيرون فيها؛ لأن معاشهم كان من الغارة. فيحل لهم "المحرم" فذلك الإنساء" وانظر هامش أحكام القرآن للشافعي ٢/١٩٥.
(٣) قال الطبري ٢/٤٨٣ "فتأويل الآية إذًا: ما نغير من حكم آية فنبدله، أو نتركه فلا نبدله، نأت بخير لكم - أيها المؤمنون - حكما منها، أو مثل حكمها في الخفة والثقل والأجر والثواب".
(٤) راجع اختلاف المفسرين في تعيين المانعين والمسجد في تفسير الطبري ٢/٥٢٠ والبحر المحيط ١/٢٥٦ وأسباب النزول ٢٤ وتفسير القرطبي ٢/٧٧ والدر المنثور ١/١٠٨.
1 / 61