يؤديها كما سمعها، وهو لم يتقن حفظها، ولم يحسن وعيها، وكيف يبلغها من هو أفقه منه وهو لا يملك حملها ولا ينهض بعبئها، فهو إذن مغتصب على الفقيه حقه، قاطعٌ لطريق العلم على من بعده، والله المستعان. وأنا ممثل لك يا طالب الحديث في كل باب من هذه الأبواب الثلاثة مثلا من الحديث تستدل بها على ما أردت بيانه لك منها إن شاء الله.
روي عن النبي ﷺ أنه قال: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين).
الرواية بتحريك اللام في الخلف، وقد رواه بعضهم بسكون اللام، فأزال الخبر عن جهته، وأحال معناه. لأن رسول الله ﷺ لم يقصد بقوله هذا ذم عدول حملة العلم، إنما أراد به مدحهم والثناء عليهم. وإنما الخلف بسكون اللام خلف السوء. قال الله تعالى: ﴿فخلف من بعدهم خلف﴾، ومنه قول لبيد بن ربيعة العامري:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيتُ في خلف كجلد الأجرب
ويقال: فلان خلف صدق من أبيه، وخلف سوء -متحركة اللام- فإذا لم تذكر خيرا ولا شرا قلت في الخير خلَف، وفي الشر خلْف.
ومن هذا الباب حديثه الآخر، أنه قال: (من تزوج ذات جمال ومال،
1 / 54