لما فيه من عظيم الخطر، إذ الأخبار بأمر الدين إنما تأتي بالتحليل أو التحريم، أو أمر أو نهي، أو ترغيب أو ترهيب، فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة، ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه، ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته، كان آثما بفعله ذلك، غاشا لعوام المسلمين، إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها، أو يستعمل بعضها. . . (١).
٤ - مرحلة النضج:
هذه المرحلة هي مرحلة النضج والاستواء، مرحلة كد العلماء فيها أذهانهم، فأنتجوا علم مصطلح الحديث، وجعلوه علما قائما بذاته، يرتكز على منهج دقيق منضبط، دونت فيه قواعد مصطلح الحديث في مصنفات مستقلة، بعضها لم يستوعب، لكنه حصل بالتكامل بينها، فأصبح الباحث يجد مطلبه في أي باب من أبواب هذا العلم الجليل، وكان أول من دون قواعد هذا العلم القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي ﵀ (٢)، في كتابه "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي" أجاد ولم يستوعب، وتلاه أبو عبد الله الحاكم بكتابه "معرفة علوم الحديث" تعقبه أبو نعيم في كتابه "المستخرج على كتاب الحاكم" ثم الخطيب
_________
(١) بعض قوله رحمة الله علينا وعليه في (مقدمة الصحيح ١/ ٢٨).
(٢) طلب العلم وهو حدث، وساد أصحاب الحديث، وكتابه المذكور ينبئ بإمامته، وكان أحد الأثبات، عاش إلى قريب الستين وثلاثمائة من الهجرة (السير ١٦/ ٧٣)
1 / 11