التنازل
ولما توفيت الملكة ألكسندرا في أواخر عام 1925، سافر الأمير كارول ليشهد حفلة جنازتها، ولكنه لم يعد بعد ذلك إلى رومانيا، ولم يجتمع بأفراد أسرته في عيد الميلاد، وإذ ذاك لم يعد في الإمكان إخفاء الحقيقة عن الجمهور؛ فأعلن في يوم 31 ديسمبر سنة 1925 أن الأمير يرفض العودة إلى بلاده، وأنه لا يزال في ميلان.
وأرسل إليه والده الملك فرديناند رسولا يحضه على إنعام النظر في واجبه نحو أسرته وزوجته وبلاده، والعودة لاستئناف أعماله كولي العهد، ولكن الرسول عاد يحمل كتابا من الأمير كارول، وفيه يعلن قراره الأخير ؛ وهو التنازل عن حقوقه في وراثة العرش، وفي جميع الامتيازات التي له كعضو من أعضاء الأسرة المالكة. وقد نادى الملك - بعد أن وافق على تنازله - بحفيده الأمير ميخائيل الصغير وليا للعهد، وكان لا يزال إذ ذاك في الرابعة من عمره.
الملك كارول مع نجله الأمير ميخائيل ولي العهد.
وقد حاول بعض الكتاب إذ ذاك، كما حاولوا عند تنازل الملك إدوارد الثامن عن عرش إنجلترا، أن يقحموا السياسة في الموضوع، فقالوا: إن لتنازل الأمير كارول صلة بتجهيز مصلحة الطيران الرومانية بطائرات جديدة؛ إذ كان ولي العهد بصفته رئيسا لهذه المصلحة قد أوصى على طائرات ومحركات في مصانع دولتين من الدول الأجنبية، على الرغم من معارضة المصلحة نفسها التي كانت تريد أن توصي على الطائرات والمحركات في مصانع دولة أخرى، وقيل: إن الذي حدث بعد هذا هو أن طيارا من خيرة الطيارين الرومانيين قتل وهو يقوم بتجربة إحدى الطائرات الجديدة، فعد الأمير مسئولا وانتقد تصرفه؛ إذ قيل: إن محركات الطائرات التي أوصى على صنعها بنفسه لم تكن من طراز جيد، وطلب المسئولون في السلاح الجوي إجراء التحقيق، وعارض الأمير في ذلك، ولكن الوزارة لم تعبأ بمعارضته.
ولكن ظهر فيما بعد أن السياسة لم تكن ذات شأن كبير في الموضوع، وأن الأمير لم يتنازل إلا تلبية لنداء القلب. وقد وافق المجلس الوطني في رومانيا على تنازل الأمير كارول عن العرش بأكثرية 234 صوتا ضد 3 أصوات، وأعلن أن الأمير ميخائيل أو ميشيل هو ولي العهد، وتألف مجلس للنيابة عنه ضم البطريرك الأرثوذكسي، والأمير نقولا - عمه - ورئيس محكمة النقض والإبرام.
وفي يوم 4 يناير من عام 1926، وصل رسول خاص من البندقية إلى بوخارست يحمل كتابا من الأمير كارول يكرر فيه نزوله عن حقه في العرش، ويعرب عن رغبته في اتخاذ اسم «سكاريات موناسترياتو». وهو اسم مشتق من أملاكه في موناسيير.
وقد حمل الرسول خطابا خاصا من الأمير إلى قرينته الأميرة هيلانة كان مملوءا بالعبارت المؤثرة الرقيقة، وقد أبلغها فيه أنه قطع علاقته الزوجية بها، وأنه يتنازل عن سلطته الأبوية على ابنه الأمير ميشيل ولي العهد، وأنه يصرح لها أن تطلب الطلاق منه! ويقال: إن الأميرة هيلانة أصيبت بالإغماء لما قرأت هذا الخطاب، وقالت: إنها لا تعرف السبب الذي يدفع زوجها الأمير كارول إلى هذا التصرف.
وروي أنه لما عقد مجلس العرش للنظر في تنازل الأمير كارول كان الملك مغموما، حتى لقد خشي أن يصاب بمكروه؛ ولذلك لم يتقدم أي واحد من أعضاء هذا المجلس بسؤال أو استيضاح عن تصرف الأمير.
وقيل إذ ذاك: إن من بين الأسباب التي دفعت الأمير كارول إلى التنازل الخلاف الشديد الذي استحكم مدة طويلة بينه وبين والده الملك فرديناند، وأنه لذلك قد يتولى عرش المجر الذي عرضه عليه بعض الوطنيين في تلك البلاد، ولكن لم يحدث شيء من هذا، وما لبث الأمير كارول أن رحل عن إيطاليا إلى إنجلترا، ثم إلى فرنسا؛ حيث عرف أنه يعيش مع اليهودية الحسناء ذات الشعر الأحمر: ماجدا لوبيسكو.
Page inconnue