151

La Raid Rapide pour Répliquer l'Avant-Garde

الغارة السريعة لرد الطليعة

Genres

فلا ترى نزاعا بين المحدثين، في أن أبا الصلت رواه، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، ولا ترى نزاعا في أن رجال السند غير مجاهيل، ولهذا يجزمون أن أبا الصلت رواه، ولا نزاع أن الذين رواه عنهم ليسوا مجاهيل، بل هم من أئمة الحديث، إنما النزاع في أبي الصلت ولا ترى أحدا يدعي أنه مجهول، ولو ادعا أحد أنه مجهول لكان قوله مردودا بتعريف من قد عرفه، هذا وقد عيب عليه روايات عن عبد الرزاق، أو عن الإمام الرضى علي بن موسى، وقد قدمنا العذر في التفرد عن أهل البيت، والعذر في الروايات التي تنفر عنها العثمانية، لمخالفتها عقيدتهم في الصحابة أو نحو ذلك، فلا ينبغي لمنصف أن يجعل التفرد تهمة على الإطلاق، ولكن القوم إذا اتهموا روايا تطلبوا جرحه لسوء ظنهم فيه وبغضهم، ولم يتثبتوا في ذلك.

ألا ترى أن بعضهم صرح باتهام أبي الصلت بوضع حديث: (( الإيمان قول باللسان، وعمل بالجوارح، واعتقاد بالجنان ))، مع معرفة صلاحه كما وصفه به الذهبي في الميزان، وزهده وقشافته، كما وصفه به الخطيب في ترجمته، ومع تصريح ابن معين بتوثيقه وهو قد عرفه وجالسه، ثم لم يتورع من صرح باتهامه بوضع هذا الحديث، مع أن الحديث الواحد لا يوجب التهمة، لأنه ولو كان منكرا، يحتمل أن الراوي غلط برفعه، وهو موقوف، أو توهمه حديثا وهو من كلام بعض الحكماء، الذين يسند من طريقهم، أو انتقل ذهنه من محدث، إلى محدث مقارن له في خياله، أو سمعه من راو عن شيخه، فنسي أنه لم يسمعه من شيخه، وإنما سمعه من الراوي عنه، أو غير ذلك من أسباب الغلط التي لا يكاد ينجو منها محدث إلا من عصم الله.

Page 151