Gandhi : Autobiographie ou mes expériences avec la vérité
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
Genres
الفصل الخامس عشر
ممارسة دور السيد الإنجليزي
زاد إيماني بالنباتية يوما بعد يوم، وقد حفزني كتاب «سالت» كي أدرس الأنظمة الغذائية، وأولعت بجميع الكتب المتوفرة عن النظام النباتي وقرأتها. وكان أحد هذه الكتب يحمل اسم «آداب الغذاء»
The Ethics of Diet
لكاتبه هوارد ويليام، كان الكتاب «سردا لتاريخ المطبوعات التي تتناول علم الأنظمة الغذائية الإنسانية منذ القدم وحتى الآن.» يحاول الكتاب إثبات أن جميع الفلاسفة والرسل بداية بفيثاغورس والمسيح ومن أتى بعدهم من فلاسفة ورسل إلى يومنا هذا كانوا نباتيين. وكان كتاب «أفضل طريقة غذائية»
The Best Way in Diet
للدكتورة آنا كينجسفور مشوقا هو أيضا. وساعدتني أيضا كتابات الدكتور ألينسون عن الصحة والعادات الصحية كثيرا، دافع ألينسون عن نظام علاجي يعتمد على نظام غذائي منتظم للمرضى. ونظرا لكونه نباتيا وصف للمرضى نظاما غذائيا نباتيا صارما. ونتيجة قراءتي لجميع هذه الكتب احتلت التجارب الغذائية جزءا مهما من حياتي. كان الهدف الرئيسي من تلك الخبرات هو دافع الحفاظ على الصحة، لكن فيما بعد أصبح الدين هو الدافع الأسمى.
في غضون ذلك، لم يتوقف صديقي عن القلق بشأني، فقد قاده حبه لي إلى الظن بأنني إذا داومت على إصراري على الامتناع عن أكل اللحم، فإن ذلك لن يجعل جسدي هزيلا فحسب، بل سيجعل مني شخصا أخرق لأنني لن أتكيف مع المجتمع الإنجليزي. وعندما علم باهتمامي بالكتب التي تتناول النظام الغذائي النباتي، خشي أن تلوث تلك الكتب أفكاري، ومن ثم أضيع حياتي في التجارب وأنسى عملي وأصبح مهووسا؛ لذلك، كان عليه أن يبذل محاولة أخيرة لإصلاحي، فدعاني ذات مرة إلى المسرح، وقبل حضور المسرحية تناولنا عشاءنا معا في مطعم هولبورن، وكان أول مطعم فخم أدخله منذ أن تركت فندق فيكتوريا مع أن إقامتي في ذلك الفندق لم تعد علي بخبرة مفيدة. لقد خطط صديقي لاصطحابي إلى ذلك المطعم معتقدا أن خجلي سيمنعني من طرح الأسئلة؛ فقد كنا نجلس على طاولة وسط حشد من الأشخاص الذين يتناولون طعامهم، وكان الحساء هو أول ألوان الطعام الذي قدم لنا، فتساءلت في نفسي عن مصدره، لكنني لم أجرؤ على سؤال صديقي. فاستدعيت النادل، لكن صديقي سألني بوجه عبوس عن سبب استدعائي للنادل، فأجبته بتردد واضح إنني أرغب في الاستفسار عما إذا كان هذا الحساء نباتيا أم لا. فصرخ في بشدة قائلا: «إنك أخرق لدرجة لا تستطيع بها العيش في مجتمع مهذب. إذا لم تكن قادرا على التصرف بلياقة، فمن الأفضل أن تنصرف، اذهب وتناول طعامك في مطعم آخر، ثم انتظرني بالخارج.» أسعدني ذلك الاقتراح، فخرجت من المطعم. كان هناك مطعم نباتي قريب لكنه كان مغلقا، فعدت وقتها دون أن أتناول أي طعام. رافقت صديقي إلى المسرح، ولم يتفوه بكلمة تعليقا على ما بدر مني في المطعم، ولم يكن لدي أنا أيضا ما أقوله.
كانت هذه الواقعة هي آخر مشادة بيننا، ولم تؤثر إطلاقا على علاقتنا، وكنت أعلم أن جميع محاولات صديقي كانت تتم بدافع حبه لي، وكنت أقدر ذلك. وزاد احترامي له مع اختلافنا في الأفكار والسلوكيات.
بعد ذلك قررت أن أخفف عن صديقي، وأن أؤكد له أنني لن أكون أخرق بعد الآن، وأنني سأعمل على أن أكون مهذبا وأعوض كوني نباتيا بتحقيق إنجازات أخرى تجعلني قادرا على العيش في مجتمع مهذب. ومن أجل ذلك، خضت المهمة المستحيلة التي تمثلت في أن أتصرف كسيد إنجليزي.
Page inconnue