Gandhi : Autobiographie ou mes expériences avec la vérité
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
Genres
مجدي عبد الواحد عنبة
الافتتاحية
لست أقدم تعاليم جديدة للبشرية؛ فالحقيقة واللاعنف قديمان قدم التاريخ.
تتسم كلمات غاندي تلك، المنقوشة على أحد جدران مؤسسة الساتياجراها التي أسسها في أحمد آباد، بالدقة والتواضع الجم. ولا شك أن مبدأي الحقيقة واللاعنف اللذين وهب حياته لهما ليسا بمستحدثين، فلطالما أكدت عليهما جميع التعاليم الأخلاقية والدينية العظيمة، إلا أنه كان يمتلك شيئا جديدا تماما ليعلمه للبشرية عن هذين المبدأين، ألا وهو كيفية تطبيقهما على نطاق واسع لممارسة مقاومة سلمية وفعالة أطلق عليها اسم «الساتياجراها».
ماذا كان يعني غاندي بالضبط بمصطلح «الساتياجراها»؟ لقد ظل غاندي يطور أساليب الساتياجراها ويوضحها ويبين هدفها وسماتها حتى وافته المنية.
1
وقد سألته لجنة تحقيق بريطانية في عام 1920م عما إذا كان هو مؤسس حركة الساتياجراها - الحركة التي أصبحت معروفة للعالم أجمع بكونها أول حملة عصيان مدني قومية تظهر في التاريخ تحت تلك الراية - وكيف يمكن أن يوضح كنهها. فأجاب بالإيجاب وأكد أنه مؤسس الحركة. أما توضيح كنهها، فيكمن في الغاية التي تنشدها الحركة، وهي «الاستعاضة عن أساليب العنف (وأن تكون) حركة تعتمد كليا على الحقيقة.»
2
إن لفظة «استعاضة» مهمة للغاية في هذا السياق. فبعد اختبار غاندي في البداية لمنهج تولستوي فيما يتعلق بالمقاومة السلبية في حملاته في جنوب أفريقيا، توصل إلى أنه غير كاف، ووجد أن المقاومة السلمية ينبغي ألا تنبذ اللجوء للعنف بالكلية فحسب، بل السلبية المجردة أيضا بحيث تضطلع المقاومة بدور قوي وفعال ومقاتل. ومن خلال تفسير الساتياجراها على ذلك النحو، سعى غاندي إلى إحداث تحول اجتماعي وفردي عميق دون وجود مشاعر التعصب والكره وأحداث القتل التي تلازم الكثير من الصراعات العنيفة. وكما أوضح جواهر لال نهرو، نجد أن غاندي أدخل روحا جديدة تماما تهدف إلى التغيير على الصعيدين السياسي والاجتماعي. وتلك القوة لم تؤد إلى تغيير تاريخ الهند وحدها، بل تغيير حياة جميع من اشتركوا في حملاته.
3
Page inconnue