Clignant des yeux des discernements
غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م
وَبَعْدُ؛ فَإِنَّ الْفِقْهَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
مَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فِي الْخُطَبِ
١ -
بَقِيَ أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ﵀ لَمْ يَتَشَهَّدْ فِي خُطْبَتِهِ وَقَدْ قَالَ ﷺ «كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ.
قِيلَ وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ تَشَهَّدَ بِاللِّسَانِ يَدْفَعُهُ صَرِيحُ لَفْظِ الْحَدِيثِ (انْتَهَى) .
أَقُولُ لَيْسَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ صَرَاحَةٌ بِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالتَّشَهُّدِ فِي الْخُطْبَةِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْكِتَابَةِ حَتَّى يَكُونَ دَافِعًا لِلْجَوَابِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ وَمَا قِيلَ فِي الْجَوَابِ بِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ لِينًا غَيْرُ سَدِيدٍ لِأَنَّهُ بِفَرْضِ ذَلِكَ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ كَيْفَ وَقَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ؟، وَمَا قِيلَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ لَا فِي الْكُتُبِ وَالرَّسَائِلِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْعَامَّ يَجْرِي عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى يَرِدَ مَا يُخَصِّصُهُ.
وَذِكْرُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ لَا يَصْلُحُ مُخَصِّصًا وَقَوْلُ التُّورْبَشْتِيِّ: الْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ الْحَمْدُ رُدَّ بِالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى " كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا شَهَادَتَانِ " وَبِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِلتَّشَهُّدِ هُوَ الْإِتْيَانُ بِالشَّهَادَةِ وَأَمَّا هَذَا فَهُوَ مَعْنًى مَجَازِيٌّ وَالْحَمْلُ عَلَى الْمَجَازِ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ صَارِفَةٍ عَنْ الْحَقِيقَةِ غَيْرُ مَرْضِيٍّ
(٥) وَبَعْدُ فَإِنَّ الْفِقْهَ: بَعْدُ، كَلِمَةٌ يُؤْتَى بِهَا لِلِانْتِقَالِ مِنْ أُسْلُوبٍ إلَى آخَرَ وَهُوَ ظَرْفُ زَمَانٍ بِمَعْنَى كَثِيرًا وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَكَانِ وَيَصِحُّ إرَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا هَاهُنَا وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضَّمِّ، لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةٌ مَعْنَاهُ أَيْ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ فِي الْإِشَارَاتِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي ضَبْطِ بَعْدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا الضَّمُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، ثَانِيهَا مَعَ التَّنْوِينِ، ثَالِثهَا: النَّصْبُ وَالتَّنْوِينُ، رَابِعُهَا: فَتْحُ الدَّالِ مَعَ تَقْدِيرِ لَفْظِ الْمُضَافِ إلَيْهِ حَكَاهُ النَّحَّاسُ (انْتَهَى) .
وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ تَأْتِي هُنَا مَا عَدَا النَّصْبَ مَعَ التَّنْوِينِ فَإِنَّهَا لَمْ تُرْسَمْ بِأَلْفٍ وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ هِشَامٍ تِلْكَ الْأَوْجُهَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضَّمِّ إذَا حُذِفَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَنُوِيَ مَعْنَاهُ وَتُعْرَبُ فِي ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ مَا إذَا ذُكِرَ الْمُضَافُ إلَيْهِ أَوْ حُذِفَ وَنُوِيَ لَفْظُهُ أَوْ حُذِفَ وَلَمْ يُنْوَ شَيْءٌ وَلَمْ يُذْكَرْ الضَّمُّ مَعَ التَّنْوِينِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيِّ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهَا فَاعِلٌ لَفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ مَهْمَا يَكُنْ بَعْدُ أَيْ يُوجَدُ.
قَالَ الشِّهَابُ أَحْمَدُ الْغَيْنَمِيُّ وَهُوَ قَرِيبٌ (انْتَهَى) .
(أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِدًا فَهُوَ بَعِيدٌ فَمَا مَعْنَى نِسْبَةُ الْوُجُودِ إلَى بَعْدُ؟ وَكَوْنُ الْمُرَادُ لَفْظَهَا بَعِيدٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي التَّعْلِيقِ وَالْغَرَضِ مِنْهُ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَبَعْدُ قَدْ
1 / 16