Clignant des yeux des discernements
غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
مِفْتَاحٌ لِلصَّلَاةِ: قِيلَ عَلَيْهِ أَنَّ كَوْنَهُ مِفْتَاحًا لِلصَّلَاةِ كَيْفَ ثَبَتَ بِغَيْرِ الْأَمْرِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (انْتَهَى) .
وَالْجَوَابُ إنَّهُ ثَبَتَ بِقَوْلِهِ ﵊ «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ» وَكَوْنُهُ مِفْتَاحًا لَهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ طَهَارَةً عَلَى مَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي آخِرِ آيَةِ الْوُضُوءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] فَإِنَّهُ وَإِنْ ذُكِرَ لِبَيَانِ حَالِ التَّيَمُّمِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الْإِشَارَةِ إلَى حَالِ الْوُضُوءِ كَمَا لَا يَخْفَى.
لَكِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ يَتَأَدَّى بِغَيْرِ النِّيَّةِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ ﵀ وَمَنْ وَافَقَهُ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] الْآيَةَ.
لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ لِلصَّلَاةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا﴾ [النور: ٢] ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨] أَيْ لِلزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَكَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ الشِّتَاءُ فَتَأَهَّبْ أَيْ لِلشِّتَاءِ وَهَذَا لِأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَزَاءِ لِلشَّرْطِ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ. وَهَذَا مَعْنَى النِّيَّةِ؛ فَلَوْ تَوَضَّأَ لِلتَّبَرُّدِ وَغَيْرِهِ لَمْ يَأْتِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَصَارَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّحْرِيرُ بِنِيَّةِ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ وَلَا يَجُوزُ بِدُونِهَا لِتَعَلُّقِ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ فَكَذَا هُنَا وَجَوَابُنَا عَنْهُ بِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ النَّقْضُ وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ مَا ذَكَرْتُمْ مَنْقُوضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: ٤] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: ١٤٤] أَيْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ السَّعْيَ وَوُجُوبَ أَخْذِ الزِّينَةِ أَيْ سِتْرِ الْعَوْرَةِ لِلصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةَ إلَى الْقِبْلَةِ وَتَطْهِيرَ الثَّوْبِ لَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ النِّيَّةُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ.
فَكَذَا فِي الْوُضُوءِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيهَا فَمَا هُوَ جَوَابُكُمْ عَنْهَا؟ فَهَلْ جَوَابُنَا عَنْ الْوُضُوءِ عَلَى أَنَّهُمْ تَرَكُوا مَفْهُومَ الْآيَةِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ نَوَى كُلَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الطَّهَارَةِ غَيْرَ
1 / 57