قال: ألم أطلب إليك أن تضع بدل السم مخدرا، وجعلت لك جعلا على هذا؟
قال وهو يضع يده على كتف عبيد الله: نعم إني وعدتك بذلك، وهكذا فعلت، فالفتاة لم تمت، ولكنها نائمة، ومد يده إلى جيبه وأخرج قارورة وقال: وإليك هذا العقار في هذه القارورة فإذا سقيتها إياه أفاقت، ولكن احذر أن تبقيها هنا بعد يقظتها فيعلم بها أمير المؤمنين وتدور الدائرة علي.
قال: لا تخف، وسأخبر الخليفة بموتها وأبعث من يحفر قبرها، ثم أبعثها إلى مكان خارج المدينة وهي نائمة كأنها محمولة إلى القبر، ومتى استفاقت أبقيتها خارج دمشق حتى أسافر فأحملها معي ولا يعلم بها أحد سواي، وأنا لم أود استبقاءها إلا أملا في إرجاعها عن غيها. فإذا فعلت ذلك رضي أمير المؤمنين عني وعنك، وشكرنا على صنيعنا؛ لأنه فتن بجمالها، ولولا غضبه لم يأمر بقتلها، ولا شك في أنه إذا أصبح ندم على ما فعل. أما أنت فاكتم الأمر ولك مني فوق ما أعطيتك.
فشكره الطبيب وانصرف، وكان عبيد الله بعد أن أمر يزيد بقتل سلمى قد خلا بالطبيب وأغراه بالمال الكثير لكي يبدل بالسم مخدرا، ثم يحتال لإخراج سلمى إلى مكان منفرد بدلا من دفنها، وهناك يحاول استرضاءها لعلها تقبله زوجا لها، وكان ما زال عالقا بها.
فلما أخبره الطبيب بما فعله، سار توا إلى يزيد وأنبأه بموتها فقال له: ابعث من يدفنها قبل طلوع النهار، فأمر اثنين من رجاله أن يكفناها وبعث آخرين لحفر القبر، وأوصى الأولين بأن يحملاها إلى مكان منفرد خارج المدينة حالا، وتظاهر بأنه أرسلها إلى المقبرة.
وعاد اللذان حفرا القبر قبل الفجر مذعورين لما رأياه من خروج عامر وعبد الرحمن وهما يحسبانهما عفريتين، فقصا الخبر على عبيد الله، فأمرهما أني يقصاه على الخليفة لعله يستطيع الاستعانة بذلك إذا علم الخليفة ببقائها حية فيما بعد، ففعلا.
الفصل الثالث عشر
إلى الكوفة
في صباح اليوم التالي أبطأ يزيد في الخروج إلى المجلس؛ لأنه قضى ليله ساهرا فنام في الصباح ولم يستفق حتى الظهر، فجاء إلى المجلس وعبيد الله غائب، ولم يكد يستتب به المجلس حتى دخل عليه الحاجب يقول: إن بالباب رسولا من الكوفة.
قال: فليدخل.
Page inconnue