فنهض يزيد والطنبور بيده وقد وقعت العمامة عن رأسه ووقف بالباب، فهمس فتح في أذنه: إن عبيد الله بن زياد يريد أن يكلمك في شأن يتعلق بالخلافة.
فقال يزيد: قل له: إن موعدنا الغد. وهم بالرجوع، فأمسكه بيده وقال له: لو استطاع تأجيله لما أزعج مولانا في مثل هذه الليلة، وقد استمهلته فألح علي أن آتي إليك الساعة، وقد كنت مستغرقا في نومي فأيقظني لهذا الأمر، وقد جئت وأنا أتوقع غضبك، ولكنني لم أر بدا من المجيء.
فمشى يزيد والطنبور بيده وقد غضب على عبيد الله وعول على توبيخه، ومشى فتح في أثره. ثم أمر فتحا أن يسبقه ويدعو ابن زياد إليه.
فهرع فتح حتى لقي ابن زياد واستقدمه، فجاء واستقبل الخليفة في ممر منعزل، وقبل أن يتكلم يزيد ابتدره عبيد الله قائلا: أنا أعلم أني أزعجت أمير المؤمنين في ساعة طربه، ولكنني اطلعت على سر خطير لا يصح السكوت عنه إلى الغد، فهل يأذن مولاي الخليفة في خلوة؟ •••
بغت يزيد وسار في أثره إلى غرفة فيها شمعة مضيئة وليس فيها أحد، فلما خلا به قال: بلغني يا أمير المؤمنين أن عروسك التي حملناها إليك اليوم لا تقل خطرا عن عبد الرحمن الذي تعمد قتلك بالأمس.
فبغت يزيد وقال: وكيف ذلك؟
قال: لأنها ابنة حجر بن عدي، وعبد الرحمن ابن عمها وخطيبها.
قال يزيد: ومن أنبأك بذلك؟
قال: أنبأني به شمر الذي كشف لنا الدسيسة الأولى فأخشى أن تكون سلمى هذه إنما أتت إلى منزل الخليفة لمثل الأمر الذي هم ابن عمها به.
فأطرق يزيد ثم قال: سمعت مثل هذا التلميح من شمر، ولكنها أتيح لها أن تكون من نسائي، وقد تكون على غير ما تقولون.
Page inconnue