فشق ذلك على عامر وقال وهو يتظاهر بالسذاجة: وماذا في ذلك من دواعي الغبطة؟
قال: لحظت من كلامه أنه يريد أن يسعدك بالمصاهرة.
فوقع ذلك الكلام على عامر وقوع البلاء العظيم، ولم يفه بكلمة وتراكمت عليه الهموم، وحار فكره بين وقوع عبد الرحمن في الأسر، وبين ما سيصيب سلمى إذا علمت بما أصابه، ثم برغبة يزيد في زواجها، فلم يعد يعرف كيف يتخطى درجات السلم لشدة كدره.
أما سلمى فأسرعت بعد أن خرج يزيد من غرفتها وأغلقت الباب، ثم وقفت مبهوتة وهي تردد ما سمعته منه، وأدركت ما جال في خاطره عنها، فوقعت في حيرة لا تدري ماذا تعمل؟ ثم عاد خيال عبد الرحمن إلى ذهنها فشغلت به عن كل هاجس، وودت لقاء عامر لتستطلع ما علمه عن عبد الرحمن، وحدثتها نفسها بأن تخرج في طلبه على السطح، ولكنه خافت أن يكون يزيد باقيا هناك فأحجمت.
وبينما هي تتردد في ذلك إذ فتح عامر الباب ودخل، فرآها على تلك الحال من القلق، وأثر البكاء في عينيها، والبغتة لا تزال غالبة على محياها، فلم يدر كيف يخاطبها، ولا كيف يفضي إليها بما جاء به من الخبر المحزن عن عبد الرحمن، فوقف لحظة لا يتكلم، وأدركت هي ما يساوره فقالت: ما وراءك يا عماه؟
قال: ما ورائي إلا الخير إن شاء الله.
قالت: هل جاءت رسالة عبد الرحمن؟ هل وصل إليك سهمه؟
قال: نعم ولكنه وقع في قلبي.
ففهمت أنه سمع شيئا يسوءها فقالت: ما الخبر؟ أين عبد الرحمن؟ ماذا جرى له؟
قال وهو يتلجلج: لم يجر له شيء، ولكن ...
Page inconnue