فلما سمع عامر صوت الشيخ، داخله الشك في أمره، وأخذ يتفرس في سحنته فرآه يشبه الناسك من جهة، ويشبه من جهة أخرى شخصا آخر يعرفه، ولم يكن قد رآه منذ بضعة عشر عاما، فلبث صامتا لا يتكلم كأنها أصيب بالبله.
فقال له الشيخ: ما بالك؟ ما الذي ربط لسانك يا عامر؟
وما أتم كلامه حتى ترامى عامر على الشيخ وجعل يقبل يديه ويقول: أنت الشيخ الناسك؟ أنت؟
فلما سمع عبد الرحمن ذلك صاح فيه: أين سلمى؟
قال: وما أدراك ببقائها وأنت أخبرتني أنها ماتت ورأيت قبرها محفورا؟
فقال: قلت لك ذلك وكان هذا اعتقادي واعتقاد عمي عامر، ولكن زينب بنت علي أنبأتنا ببقائها على قيد الحياة، وأنها صحبتها في وقعة كربلاء، ثم إلى دمشق، ثم لم تعد تعرف مقرها.
فنظر الشيخ إلى عبد الرحمن وقال: وهي أيضا كانت تعتقد أنك ميت حتى أنبأتها ببقائك حيا ونحن في كربلاء، ثم علمت أنك خرجت إلى الكوفة في مهمة وانقطع خبرك فيئست من بقائك و ...
فقطع عبد الرحمن حديثه وقال: والآن قل لي أين هي سلمى، هل هي معك أم أين؟ قل لي. بالله قل لي.
قال: ألم ترها اليوم؟
قال: أين؟
Page inconnue