ومنهم: عمر وأحمد ابنا يونس بن أحمد الحراني، ومنهم محمد بن عبدون الجبلي، وكان قبل أن يتطبب مؤدبا في الحساب والهندسة، ومنهم سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل، وعبد الله بن إسحاق المعروف بابن الشناعة المسلماني الإسرائيلي، وأبو عبد الله محمد بن الحسين المعروف بابن الكناني المظفر وكان بصيرا بالطب متقدما فيه ذا حظ من المنطق والنجوم من علوم الفلسفة، ومنهم أبو العرب يوسف بن محمد أحد المتحققين بصناعة الطب، توفي سنة 430.
ومن أشهرهم: أحمد بن إبراهيم الأنصاري من أهل بلنسية، كان من أهل العلم بالفرائض والحساب، لا يجارى في التعاليم، قعد لتعليم الحساب والهندسة 593، ومنهم: أبو عثمان سعيد بن البغونش عالم بعلم العدد والهندسة والطب 444، ومنهم: الوزير أبو المطوف عبد الرحمن اللخمي عن عناية بالغة بقراءة كتب جالينوس وأرسطاليس وغيرهما من الفلاسفة، وتمهر في علوم الأدوية المفردة حتى ضبط منها ما لم يضبطه أحد في عصره، وألف فيها كتابا جليلا لا نظير له، جمع فيه ما تضمنه كتاب ديسقوريدوس وكتاب جالينوس في الأدوية المفردة، وكان له في الطب منزع لطيف، وذلك أنه لا يرى التداوي بالأدوية ما أمكن التداوي بالأغذية أو ما كان قريبا منها، فإذا دعت الضرورة إلى الأدوية فلا يرى التداوي بمركبها من وصل إلى التداوي بمفردها، فإن اضطر إلى المركب لم يكثر التركيب، بل اقتصر على أقل ما يمكن منه.
ومنهم أبو مروان بن زهر الإشبيلي، وأبو محمد عبد الله بن محمد المعروف بابن الذهبي، وأبو عبد الله محمد البجائي المعروف بابن النباش معتن بصناعة الطب، ذو معرفة جيدة بالعلم الطبيعي، ومشاركة في الإلهي، وتحقق بعلم الأخلاق والسياسة، وبصر بصناعة المنطق، وممن عني بطلب الفلسفة والهندسة والمنطق: أبو الحسن عبد الرحمن بن خلف بن عساكر كان صنع اليدين متصرفا في ضروب من الأعمال اللطيفة والصناعات الدقيقة.
ولم تزل صناعة أحكام النجوم نافعة بالأندلس قديما وحديثا؛ فمن مشاهير المشتغلين بها: أبو بكر يحيى بن أحمد المعروف بابن الخياط، وأبو مروان الإستجبي أحد المتحققين بعلم الأحكام والمشرفين على كتب الأوائل والأواخر، وله في التسييرات ومطارح الشعاعات وتعليل بعض أصول الصناعة رسالة فاضلة لم يتقدمه أحد إليها، ومن المذكورين: أبو الإصبع عثمان القري من أهل قرطبة، وكان علمه الذي ينسب إليه ويغلب عليه التنجيم، ومنهم عبد الرحمن بن وافد اللخمي من أهل طليطلة رحل إلى قرطبة فلقي بها القاسم خلف بن عباس الزهراوي، وأخذ عنه علم الطب، وكان مع تقدمه في ذلك فقيها عالما متفننا، وله في الفلاحة مجموع مفيد، وكان عارفا بوجوهها، وهو الذي تولى غرس جنة المأمون بن ذي النون الشهيرة بطليطلة، توفي سنة 567.
وممن لم يشتهروا: محمد بن عيسى بن ينق أبو عامر من أهل شاطبة، لازم أبا العلاء بن زهر بإشبيلية، وأخذ عنه علمه، وبرع في الطب والأدب، وتوفي سنة 547.
ومن الأطباء بالأندلس: جواد الطبيب النصراني كان في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن الأوسط، وله اللعوق المنسوب إلى جواد، وله دواء الراهب والشرابات والسفوفات، وكان خالد بن يزيد بن رومان النصراني بقرطبة صانعا بيده، عالما بالأدوية الشجارية، وابن ملوكة النصراني كان في أيام الأمير عبيد الله وأول دولة الأمير عبد الرحمن الناصر، وكان يصنع بيده، ويفصد العروق، وكان على بابه ثلاثون كرسيا لقعود الناس، وعمران بن أبي عمرو وإسحاق الطبيب المسيحي كان مقيما بقرطبة، وكان صانعا بيده مجربا يحكى له منافع وآثار عجيبة وتحنك فاق به جميع أهل دهره، ومنهم سليمان أبو بكر بن تاج كان في دولة الناصر، وابن أم المؤمنين، وأبو بكر أحمد بن جابر، وأبو عبد الملك الثقفي كان طبيبا أديبا بكتاب إقليدس وبصناعة المساحة، وهارون بن موسى الإشبيلي وعبد الرحمن بن إسحاق بن الهيثم، والرميلي كان بألمرية في أيام ابن معن المعروف بابن صمادح، ويلقب بالمعتصم بالله.
وسخم بن الفوال يهودي من سكان سرقسطة كان متقدما في صناعة الطب متصرفا في علم المنطق وسائر علوم الفلسفة، ومروان بن جناح كان يهوديا وله عناية بصناعة المنطق، وتوسع في علم لسان العرب واليهود ومعرفة جيدة بصناعة الطب ، ومنهم: إسحاق بن قسطار وكان يهوديا أيضا ، وكان بصيرا بأصول الطب مشاركا في علم المنطق مشرفا على آراء الفلاسفة، وله تقدم في اللغة العبرانية، وبراعة في فقه اليهود، وهو حبر من أحبارهم، ومنهم: حسداي بن إسحاق وكان من أحبار اليهود متقدما في علم شريعتهم، وهو أول من فتح لأهل الأندلس منهم باب عملهم من الفقه والتاريخ وغير ذلك، وكانوا قبل يضطرون في فقه دينهم، وشتى تاريخهم، ومواقيت أعيادهم إلى يهود بغداد فيستجلبون من عندهم حساب عدة من السنن، يتعرفون مداخل تاريخهم، ومبادئ سنيهم، فلما اتصل حسداي بالحكم ونال عنده نهاية الحظوة توصل به إلى استجلاب ما شاء من تآليف اليهود بالمشرق، فعلم حينئذ يهود الأندلس ما كانوا يجهلون، واستغنوا عما يتجشمون الكلف فيه.
ومنهم الفضل حسداي من ساكني مدينة سرقسطة، ومن بيت شرف اليهود بالأندلس، عني بالعلوم على مراتبها، وتناول المعارف من طرقها، فأحكم علم لسان العرب، ونال حظا جزيلا من صناعة الشعر والبلاغة، وبرع في علم العدد والهندسة وعلم النجوم وفهم صناعة الموسيقى، وحاول عملها، وأتقن علم المنطق، وتمرن بطرق البحث والنظر، واشتغل أيضا بالعلم الطبيعي، وكان له نظر في الطب، ومنهم: أبو جعفر بن أحمد بن حسداي، كان آية في الطب والمنطق، ومنهم: ابن سمحون أبو بكر حامد.
وكان أبو عبيد الله بن عبد العزيز البكري من مرسية، وأعيان أهل الأندلس وأكابرهم، فاضلا في معرفة الأدوية المفردة، وكان أبو جعفر الغافقي والشريف محمد بن محمد الحسني وخلف بن عباس الزهراوي وابن بكلارش من أكابر علماء الأندلس في صناعة الطب، وابن الصلت أمية بن عبد العزيز من بلد دانية من شرق الأندلس، وهو من أكابر الفضلاء في صناعة الطب وفي غيرها من العلوم، وكان أوحد في العلم الرياضي متقنا لعلم الموسيقى، وعمله جيد اللعب بالعود.
ومن أعظم فلاسفة الأندلس أبو بكر محمد بن يحيى الصائغ المعروف بابن باجة، وكان في العلوم الحكمية علامة وقته، متميزا في العربية والأدب والطب، متقنا لصناعة الموسيقى، جيد اللعب بالعود، قالوا: إنه لم يكن بعد أبي نصر الفارابي مثله في الفنون التي تكلم عليها من تلك العلوم، فإنه إذا قارنت أقاويله فيها بأقاويل ابن سينا والغزالي، وهما اللذان فتح عليهما بعد أبي نصر بالمشرق في فهم تلك العلوم، ودونا فيها بأن لهذا الرجحان في أقاويله وفي حسن فهمه لأقاويل أرسطو، والثلاثة أئمة دون ريب، ومن حكمائهم الإلهيين أو المتصوفين: الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي صاحب الفتوحات دفين دمشق.
Page inconnue