Bustan al-Akhyar Mukhtasar Nayl al-Awtar
بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
Maison d'édition
دار إشبيليا للنشر والتوزيع
Édition
الأولى
Année de publication
1419 AH
Lieu d'édition
الرياض
Genres
Science du hadith
شَدِيدُ التَّحْرِيمِ وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ لِأَنَّهُ مُتَوَعَّدٌ عَلَيْهِ بِالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ الْمَذْكُورِ فِي الْأَحَادِيثِ، وَسَوَاءٌ صَنَعَهُ لِمَا يُمْتَهَنُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَصَنْعَتُهُ حَرَامٌ بِكُلِّ حَالٍ، لِأَنَّ فِيهِ مُضَاهَاةً لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَوَاءٌ مَا كَانَ فِي ثَوْبٍ أَوْ بِسَاطٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ وَفَلْسٍ وَإِنَاءٍ وَحَائِطٍ وَغَيْرِهَا. وَأَمَّا تَصْوِيرُ صُورَةِ الشَّجَرِ وَجِبَالِ الْأَرْضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ هَذَا حُكْمُ نَقْشِ التَّصْوِيرِ. وَأَمَّا اتِّخَاذُ مَا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ فَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى حَائِطٍ أَوْ ثَوْبًا أَوْ عِمَامَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعَدُّ مُمْتَهَنًا فَهُوَ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ فِي بِسَاطٍ يُدَاسُ وَمِخَدَّةٍ وَوِسَادَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُمْتَهَنُ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ، وَلَكِنْ هَلْ يَمْنَعُ دُخُولَ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ ذَلِكَ الْبَيْتَ وَسَيَأْتِي. قَالَ: وَلَا فَرْقٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ مَا لَهُ ظِلٌّ وَمَا لَا ظِلَّ لَهُ. قَالَ هَذَا تَلْخِيصُ مَذْهَبِنَا فِي الْمَسْأَلَةِ، وَبِمَعْنَاهُ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إنَّمَا يُنْهَى عَمَّا كَانَ لَهُ ظِلٌّ، وَلَا بَأْسَ بِالصُّوَرِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا ظِلٌّ، وَهَذَا مَذْهَبٌ بَاطِلٌ فَإِنَّ السِّتْرَ الَّذِي أَنْكَرَ النَّبِيُّ ﷺ الصُّوَرَ فِيهِ لَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّهُ مَذْمُومٌ وَلَيْسَ لِصُورَتِهِ ظِلٌّ مَعَ بَاقِي الْأَحَادِيثِ الْمُطْلَقَةِ فِي كُلِّ صُورَةٍ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: النَّهْيُ فِي الصُّورَةِ عَلَى الْعُمُومِ وَكَذَلِكَ اسْتِعْمَالُ مَا هِيَ فِيهِ، وَدُخُولُ الْبَيْتِ الَّذِي هِيَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ رَقْمًا فِي ثَوْبِ أَوْ غَيْرَ رَقْمٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي حَائِطٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ بِسَاطٍ مُمْتَهَنٍ أَوْ غَيْرِ مُمْتَهَنٍ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ. لَا سِيَّمَا حَدِيثُ النُّمْرُقَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا مَذْهَبٌ قَوِيٌّ. وَقَالَ آخَرُونَ: يَجُوزُ مِنْهَا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ سَوَاءٌ اُمْتُهِنَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ عُلِّقَ فِي حَائِطٍ أَمْ لَا، قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ مَا كَانَ لَهُ ظِلٌّ وَوُجُوبُ تَغْيِيرِهِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إلَّا مَا وَرَدَ فِي اللَّعِبُ بِالْبَنَاتِ لِصِغَارِ الْبَنَاتِ وَالرُّخْصَةُ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ كَرِهَ مَالِكٌ شِرَاءَ الرَّجُلِ ذَلِكَ لِابْنَتِهِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ إبَاحَةَ اللَّعِبِ بِالْبَنَاتِ مَنْسُوخٌ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ: (أَنَّهَا نَصَبَتْ سِتْرًا وَفِيهِ تَصَاوِيرُ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَنَزَعَهُ قَالَتْ: فَقَطَعْته وِسَادَتَيْنِ فَكَانَ يَرْتَفِقُ عَلَيْهِمَا) . قَالَ الشَّارِحُ: فِيهِ الْإِرْشَادُ إلَى إزَالَةِ التَّصَاوِيرِ الْمَنْقُوشَةِ عَلَى السُّتُورِ. فِيهِ أَنَّ الصُّورَةَ وَالتِّمْثَالَ إذَا غُيِّرَا لَمْ
1 / 208