227

Bustan al-Akhyar Mukhtasar Nayl al-Awtar

بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار

Maison d'édition

دار إشبيليا للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

Lieu d'édition

الرياض

Genres

قَالَ الْبَغَوِيّ: التَّشْيِيدُ رَفْعُ الْبِنَاءِ وَتَطْوِيلُهُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ . قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالزَّخْرَفَةُ: الزِّينَةُ. قَالَ مُحْيِي
السُّنَّةِ: إنَّهُمْ زَخْرَفُوا الْمَسَاجِدَ عِنْدَمَا بَدَّلُوا دِينَهُمْ وَحَرَّفُوا كُتُبَهُمْ وَأَنْتُمْ تَصِيرُونَ إلَى مِثْلِ حَالِهِمْ، وَسَيَصِيرُ أَمْرُكُمْ إلَى الْمُرَاءَاةِ بِالْمَسَاجِدِ وَالْمُبَاهَاةِ بِتَشْيِيدِهَا وَتَزْيِينِهَا. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إذَا حَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ وَزَوَّقْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ فَالدَّمَارُ عَلَيْكُمْ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِإِخْبَارِهِ ﷺ عَمَّا سَيَقَعُ بَعْدَهُ، فَإِنَّ تَزْوِيقَ الْمَسَاجِدِ وَالْمُبَاهَاةِ بِزَخْرَفَتِهَا كَثُرَ مِنْ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ فِي هَذَا الزَّمَانِ بِالْقَاهِرَةِ وَالشَّامِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ بِأَخْذِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ ظُلْمًا وَعِمَارَتِهِمْ بِهَا الْمَدَارِسَ عَلَى شَكْلٍ بَدِيعٍ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ.
قَوْلُهُ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ» قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ يَتَفَاخَرُونَ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ، وَالْمُبَاهَاةُ بِهَا كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَنْ يَتَفَاخَرُوا بِهَا بِالنَّقْشِ وَالْكَثْرَةِ. وَرَوَى فِي شَرْحِ السُّنَّةِ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: غَدَوْنَا مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إلَى الزَّاوِيَةِ فَحَضَرَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَمَرَرْنَا بِمَسْجِدٍ فَقَالَ أَنَسٌ: أَيُّ مَسْجِدٍ هَذَا؟ قَالُوا: مَسْجِدٌ أُحْدِثَ الْآنَ، فَقَالَ أَنَسٌ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَبَاهَوْنَ فِي الْمَسَاجِدِ ثُمَّ لَا يَعْمُرُونَهَا إلَّا قَلِيلًا» .
قَوْلُهُ: (أَكِنَّ النَّاسَ وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ فَتَفْتِنَ النَّاسَ) . قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: كَأَنَّ عُمَرَ فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ رَدَّ الشَّارِعِ الْخَمِيصَةَ إلَى أَبِي جَهْمٍ مِنْ أَجْلِ الْأَعْلَامِ الَّتِي فِيهَا، وَقَالَ: «إنَّهَا أَلْهَتْنِي عَنْ صَلَاتِي» . قَالَ الْحَافِظُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عُمَرَ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «مَا سَاءَ عَمَلُ قَوْمٍ قَطُّ إلَّا زَخْرَفُوا مَسَاجِدَهُمْ» .
بَابُ كَنْسِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْيِيبِهَا وَصِيَانَتِهَا مِنْ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ
٧٩٦- عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ - أَوْ آيَةٍ - أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

1 / 231