120

Bustan al-Akhyar Mukhtasar Nayl al-Awtar

بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار

Maison d'édition

دار إشبيليا للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

Lieu d'édition

الرياض

Genres

بَابُ مَنْ وَجَدَ مَا يَكْفِي بَعْضَ طَهَارَتِهِ يَسْتَعْمِلُهُ
٤٥٧- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ مِنْ الْأُصُولِ الْعَظِيمَةِ وَقَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ النَّافِعَةِ، وَقَدْ شَهِدَ لَهُ صَرِيحُ الْقُرْآنِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ فَلَكَ الِاسْتِدْلَال بِالْحَدِيثِ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ كُلِّ مَا خَرَجَ عَنْ الطَّاقَةِ، وَعَلَى وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِمَا دَخَلَ تَحْتَ الِاسْتِطَاعَةِ مِنْ الْمَأْمُورِ بِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مُجَرَّدُ خُرُوجِ بَعْضِهِ عَنْ الِاسْتِطَاعَةِ مُوجِبًا لَلْعَفْوِ عَنْ جَمِيعِهِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى وُجُوبِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الَّذِي يَكْفِي لِبَعْضِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
بَابُ تَعَيُّنِ التُّرَابِ لِلتَّيَمُّمِ دُون بَقِيَّةِ الْجَامِدَاتِ
٤٥٨- عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَسُمِّيتُ أَحْمَدَ، وَجُعِلَ لِي التُّرَابُ طَهُورًا، وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
٤٥٩- وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثُ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى تَعَيُّنِ التُّرَابِ لِلتَّصْرِيحِ فِي الْحَدِيثِ بِذِكْرِ التُّرَابِ. وقالَ في شرح قوله: «جُعِلَتْ الْأَرْضُ كُلُّهَا لِي وَلِأُمَّتِي مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي الصَّلَاةُ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَعِنْدَهُ طَهُورُهُ» . وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التُّرَابَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ كَالْمَاءِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الطَّهُورِيَّةِ. وَعَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ جَائِزٌ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لِعُمُومِ لَفْظِ الْأَرْضِ لِجَمِيعِهِ، وَقَدْ أَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ: «كُلّهَا» . وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُ بِتَخْصِيصِ التُّرَابِ بقوله: «وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا» وَهَذَا خَاصٌّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ الْعَامُّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ تُرْبَةَ كُلِّ مَكَان مَا فِيهِ مِنْ

1 / 124