لا أخالف إخواني. فحضر معنا، فلما بلغنا باب الشيخ، أخبرنا الخبر، فقال له الشيخ: جعلت موضعي من قلبك أن تجيء إلى منزلي من غير أن أدعوك. علي كذا وكذا إن مشيت إلى موضع جلوسك إلا على خدي. قال: وألححنا عليه وحلف. فبسطنا له رداءً على الأرض، فوضع عليه خده، وحملنا الفتى بين اثنين يضع قدمه على خده حتى بلغ مجلسه.
ومن الفتوة الصبر على الإخوان وترك الاستبدال بهم. فإنه روي أن داود النبي ﵇ قال لابنه سليمان عليه لسلام: لا تستبدلن بأخ لك قديم، أخًا مستفادًا، استقام لك منه حاله فإنك إن فعلت ذلك تغيرت نعم الله تعالى عليك. ولا تستقل عدوًا واحدًا، ولا تستكثر ألف صديق.
ومن الفتوة الصبر على تدبير الله له، حكي أن رجلًا شكا إلى حكيم فقال: يا أخي أمدبرًا غير الله تعالى تريد؟
وقال بعضهم: من لم يصبر على تدبير الله تعالى له لم يصبر على تدبيره لنفسه. وقال الواسطي ﵀: من رأى نفسه لله ورأى الأشياء لله، استغنى عن جميع الأشياء بالله. وقال أبو العباس الدينوري ﵀: من دبر لنفسه ندم في عواقب أمره، ومن رضي بتدبير الله تعالى له حمد ابتداء أمره وانتهاءه.
ومن الفتوة قيام الأكابر إلى خدمة الأصاغر إذا دعاه أو كان عنده. وترك الأنفة عن القيام إلى خدمة الضيف. أخبرنا علي بن الحسن بن جعفر الرضا الحافظ
1 / 78