يقول: جفوت مرة أبا القاسم الحداد ﵀، فكتب إلي:
ستذكرني إذا جربت غيري ... وتعلم أنني لك كنت كنزا
بذلت لك الصفاء بكل ود ... وكنت كما هويت، فصرت حزا
وهنت إذا عززت وكنت ممن ... يهون إذا أخوه عليه عزا
ستنكت نادمًا في الأرض مني ... أتعلم أن رأيك كان عجزا
فرجعت إليه، قال: ما هززتك للاعتذار، لكن اشتملت بك إلى الوفاء.
ومن الفتوة كرم الصحبة والقيام بحسن الأدب فيها. وهو أن يصحب من فوقه بالتعظيم، ويصحب أشكاله بالموافقة والألفة، ويصحب من دونه بالعطف والشفقة والرحمة، ويصحب الوالدين بالخضوع والمطاوعة، ويصحب الأولاد بالرحمة، وحسن التأديب، ويصحب الأهل بحسن المداراة، ويصحب الأقارب بالبر والصلة، ويصحب الإخوان بصدق المودة، ودفع المجهود في المحبة، ويصحب الجيران بكف الأذى، ويصحب العامة ببشاشة الوجه، ولين الكف، ويصحب الفقراء بتعظيم حرماتهم ومعرفة أقدارهم، ويصحب الأغنياء بإظهار الاستغناء عنهم، ويصحب العلماء بقبول ما يشيرون به عليه، ويصحب الأولياء بالتذلل والانقياد لهم، وترك الإنكار عليهم، ويجتنب في أوقاته صحبة المبتدعين والمدعين والمظهرين بالزهد رغبةً في استتباع الناس، وأخذ ما في أيديهم.
1 / 56