ومن الفتوة أن يطلب العبد في علمه المعرفة، وفي معرفته المكاشفة، وفي مكاشفته المشاهدة مع التحقق بأن أحدًا لا يبلغ حقيقة معرفته. سمعت أبا الحسن بن قتادة البلخي يقول: سمعت القناد يقول: سمعت النوري يقول: أباح الله تعالى للخلق العلم، وخص أولياءه بالمعرفة، وأصفياءه بالمكاشفة، وأحباءه بالمشاهدة. واحتجب عن جميع بريته، فإذا ظنوا أنهم قد عرفوا، تحيروا. وإذا توهموا أنهم قد كوشفوا، احتجبوا. وإذا تحققوا أنهم قد شاهدوا، عموا. فسبحان من أمره عجيب، وليس شيء منه عجيب.
ومن الفتوة ترك الحيلة في طمع الكون في الدنيا، سمعت علي بن عبد الله البصري يقول: سمعت فارس بن عبد الله، يقول: كانت عجوز تخدم سهل بن عبد الله ﵏ فاعتلت علة، فقيل لها: لو تداويت. فقالت: لو جعل شفائي في مسح أذني، ما مسحتها. نعم المذهوب إليه الرب.
ومن الفتوة أن لا يشفي المحب من حبيبه بشيء. أخبرني سعيد بن محمد الشاشي، قال: أخبرني الهيثم بن كليب قال: أخبرني سمنون الصوفي ﵏.
بكيت دمًا عليك مكان دمعي ... ليشفيني البكا مما اشتفيت
أنشدني محمد بن إسماعيل لبعضهم
1 / 39