Conquêtes de l'Égypte et du Maghreb

Ibn Abd al-Hakam d. 257 AH
89

Conquêtes de l'Égypte et du Maghreb

فتوح مصر والمغرب

Maison d'édition

مكتبة الثقافة الدينية

الروم يعلمه ما «١» فعل، فإن قبل ذلك ورضيه جاز عليهم؛ وإلا كانوا جميعا على ما كانوا عليه. وكتبوا به كتابا، وكتب المقوقس إلى ملك الروم كتابا يعلمه على وجه الأمر كلّه، فكتب إليه ملك الروم يقبّح رأيه ويعجّزه، ويردّ عليه ما فعل، ويقول فى كتابه: إنما أتاك من العرب اثنا عشر ألفا، وبمصر من بها من كثرة عدد القبط ما لا يحصى؛ فإن كان القبط كرهوا القتال، وأحبّوا أداء الجزية إلى العرب واختاروهم علينا، فإنّ عندك بمصر من الروم بالإسكندرية «٢» ومن معك أكثر من مائة ألف، معهم العدّة والقوّة. والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت، فعجزت عن قتالهم، ورضيت أن تكون أنت ومن معك من الروم فى حال القبط أذلّاء، ألا تقاتلهم أنت ومن معك من الروم حتى تموت، أو تظهر «٣» عليهم؛ فإنهم فيكم على قدر كثرتكم وقوّتكم، وعلى قدر قلّتهم وضعفهم كأكلة، فناهضهم القتال، ولا يكون لك رأى غير ذلك. وكتب ملك الروم بمثل ذلك كتابا إلى جماعة الروم. فقال المقوقس لّما أتاه كتاب ملك الروم: والله إنهم على قلّتهم وضعفهم أقوى وأشدّ منّا على كثرتنا وقوّتنا، إن الرجل الواحد منهم ليعدل مائة رجل منّا؛ وذلك أنهم قوم الموت أحبّ إلى أحدهم من الحياة، يقاتل الرجل منهم وهو مستقتل «٤»، يتمنّى ألّا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده، ويرون أن لهم أجرا عظيما فيمن قتلوا منا، ويقولون: إنهم إن قتلوا دخلوا الجنّة، وليس لهم رغبة فى الدنيا، ولا لذّة إلّا قدر بلغة العيش من الطعام واللباس، ونحن قوم نكره الموت، ونحبّ الحياة ولذّتها، فكيف نستقيم نحن وهؤلاء، وكيف صبرنا معهم! واعلموا معشر الروم، والله إنى لا أخرج مما دخلت فيه، ولا صالحت العرب عليه؛ وإنى لأعلم أنكم سترجعون غدا إلى رأيى وقولى «٥» وتتمنون أن لو كنتم أطعتمونى؛ وذلك أنى قد عاينت ورأيت، وعرفت ما لم يعاين الملك ولم يره، ولم

1 / 94