بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
ﷺ وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا
أما بعد حمد الله على نعمه الَّتِي لَا ينسى ذكرهَا وَلَا يقدر قدرهَا وَلَا يُؤدى بِشَيْء من الْأَنْوَاع شكرها وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد الَّذِي أَضَاء بهداه فِي حنادس الضلال فجرها وَظَهَرت معجزاته فأربى على مَا عَداهَا فخرها وعَلى آله وَصَحبه الفئة الَّتِي فضل الْأَزْمَان عصرها وعطر بأخبارهم فِي كل نَاد نشرها
فَهَذِهِ فُصُول عديدة مباحثها مفيدة وعوائدها فريدة ومحاسنها فِي كل حِين جَدِيدَة تَتَضَمَّن الْكَلَام على الْوَاو المزيدة علقتها لأولي النَّهْي تذكرة عتيدة تجلو من أبكارها كل خريدة
وَالله تَعَالَى المسؤول أَن ينفع بهَا عَاجلا وآجلا وَيجْعَل التَّوْفِيق لما قصدت مِنْهَا شَامِلًا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يرد سَائِلًا وَلَا يخيب آملا
1 / 35
١ - فصل أَقسَام الْوَاو
الْوَاو على قسمَيْنِ أَصْلِيَّة وزائدة
والزائدة على ثَلَاثَة أضْرب
زَائِدَة فِي بِنَاء الْكَلِمَة تلْزم حروفها غَالِبا
وزائدة بِمَعْنى مَقْصُود تَزُول الْوَاو عَن حُرُوف الْكَلِمَة الْأُصُول بِزَوَال ذَلِك الْمَعْنى
وزائدة فِي أول الْكَلِمَة لَا تعد من حروفها كواو الْعَطف وواو الْحَال وَنَحْوهمَا مِمَّا سَيَأْتِي بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهُوَ الضَّرْب الَّذِي يتَصَدَّى لبسط الْكَلَام فِيهِ
1 / 37
فَمن الضَّرْب الأول وَاو الْجمع فِي نَحْو ضربوا والمسلمون
وواو الاستنكار كَمَا إِذا قلت جَاءَ الْحسن فَيُقَال لَك الحسنوه على وَجه الاستنكار وَالْهَاء للْوَقْف
وواو الإشباع كالبرقوع فِي البرقع وَنَحْو ذَلِك
قَالَ الشَّاعِر
(وإنني حَيْثُ مَا يدني الْهوى بَصرِي ... من حَيْثُ مَا سلكوا أدنوا فأنظوا)
فأشبع أنظر بِزِيَادَة الْوَاو وَلَكِن هَذَا لَا يخْتَص بِالْوَاو بل يَجِيء فِي الحركات الثَّلَاث جَمِيعهَا فتشبع الفتحة بِالْألف والكسرة بِالْيَاءِ
وواو الْعِوَض كَمَا فِي ثبون فَإِن الْوَاو عوض عَن الْهَاء المحذوفة من
1 / 38
ثبة
وواو النِّسْبَة كَقَوْلِهِم فِي النِّسْبَة إِلَى عَليّ علوي وَإِلَى ابْن بنوي وَنَحْو ذَلِك وَبَعضهَا من بَاب وَاو التعويض
1 / 39
٢ - فصل الْوَاو المزيدة فِي بِنَاء الْكَلِمَة
لَا تزاد أَولا
أما المزيدة فِي بِنَاء الْكَلِمَة فَإِنَّهَا لَا تزاد أَولا إِذْ لَو زيدت أَولا لم تكن إِلَّا متحركة فَإِنَّهُ لَا يبتدأ بساكن وَحِينَئِذٍ فإمَّا أَن تكون مَفْتُوحَة أَو مَضْمُومَة أَو مَكْسُورَة فَلَو زيدت مَضْمُومَة لساغ قَلبهَا همزَة واطرد ذَلِك فِيهَا كَمَا قَالُوا أقتت فِي وقتت وأجوه فِي وُجُوه
1 / 40
وَكَذَلِكَ لَو كَانَت مَكْسُورَة على حد وسَادَة وإسادة ووشاح وإشاح وَإِن كَانَ الأول أَعنِي فِي حَالَة الضَّم أَكثر وَقد قَرَأَ سعيد بن جُبَير ﴿ثمَّ استخرجها من وعَاء أَخِيه﴾
وَلَو زيدت مَفْتُوحَة لجَاز ضمهَا إِن كَانَ اسْما فَفِي حَالَة التصغير وَإِن كَانَ فعلا فَفِيمَا إِذا بني للْمَفْعُول وَإِذا ضمت الْوَاو انقلبت همزَة وَحِينَئِذٍ فَيتَعَيَّن لَفظهَا وَيَقَع الْإِشْكَال فِيهَا هَل هِيَ أَصْلِيَّة أَو مبدلة من وَاو مَعَ أَن زِيَادَة الْحَرْف إِنَّمَا الْمَطْلُوب مِنْهُ نَفسه فَإِذا لم يسلم لم يحصل الْغَرَض
فَأَما ورنتل فِي قَوْلهم وَقع الْقَوْم فِي ورنتل وَهُوَ الشَّرّ فالواو فِيهِ من نفس الْكَلِمَة وَالنُّون زَائِدَة ووزنه فعنلل مثل سفرجل وأصل الْكَلِمَة ربَاعِية وَإِن كَانَت الْوَاو لَا تكون أصلا مَعَ بَنَات الثَّلَاثَة فَصَاعِدا وَلَكِن تعَارض هُنَا شَيْئَانِ كل مِنْهُمَا على خلاف الأَصْل
1 / 41
أَحدهمَا جعل الْوَاو مزيدة فِي أول الْكَلِمَة وَالثَّانِي جعلهَا أصلا فِي الرباعي والتزام الثَّانِي أولى لِأَن القَوْل بِالْأَصَالَةِ أولى من الزِّيَادَة
وَأَيْضًا فَإِن الْوَاو قد جَاءَت أصلا مَعَ الثَّلَاثَة إِذا كَانَ هُنَاكَ تَكْرِير للمضاعفة وَلم تقع زَائِدَة فِي أول الْكَلِمَة أصلا
وَأَيْضًا فَإِن جعلهَا زَائِدَة يُؤَدِّي إِلَى بِنَاء غير مَوْجُود وَهُوَ وفنعل وَجعلهَا أَصْلِيَّة يُؤَدِّي إِلَى بِنَاء مَوْجُود وَهُوَ فعنلل نَحْو جحنفل وَالله أعلم
1 / 42
٣ - فصل مَتى تكون الْوَاو أَصْلِيَّة وَمَتى تكون زَائِدَة
إِذا كَانَ مَعَ الْوَاو حرفان فَقَط قضي عَلَيْهَا بِالْأَصَالَةِ إِذْ لَا بُد فِي الْكَلِمَة من ثَلَاثَة أحرف وَتَقَع حِينَئِذٍ فَاء وعينا ولاما نَحْو وعد وَمَوْت ودلو
وَإِن كَانَ مَعهَا أَزِيد من حرفين فإمَّا أَن يكون مَعهَا ثَلَاثَة أحرف مَقْطُوع بأصالتها أَو حرفان مَقْطُوع بأصالتهما وَمَا عداهما مَقْطُوع بِزِيَادَتِهِ أَو يكون مَا عداهما مُحْتملا للأصالة وَالزِّيَادَة
فَإِن كَانَ مَعهَا ثَلَاثَة أحرف فَصَاعِدا مَقْطُوع بأصالتها قضيت على الْوَاو بِأَنَّهَا مزيدة لِأَنَّهَا لَا تكون أصلا فِي بَنَات الْخَمْسَة وَلَا بَنَات الْأَرْبَعَة إِلَّا فِي المضاعف نَحْو قوقيت وضوضيت فَإِن الْوَاو فِيهِ أصل لقَوْل الْعَرَب
1 / 43
ضوضاء وغوغاء وَلَا يقْضِي لَهَا بِالْأَصَالَةِ إِلَّا أَن يقوم دَلِيل على ذَلِك كَمَا تقدم فِي ورنتل وَبَعْضهمْ يَجْعَلهَا اسْم بَلْدَة
وَإِن كَانَ مَعهَا حرفان مَقْطُوع بأصالتهما وَمَا عداهما مَقْطُوع بِزِيَادَتِهِ قضيت للواو بِالْأَصَالَةِ إِذْ لَا بُد من ثَلَاثَة أحرف كَمَا فِي وَاعد ووافد وشبههما
وَإِن كَانَ مَا عداهما مُحْتملا للأصالة وَالزِّيَادَة فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الْمِيم أَو الْهمزَة أَولا أَو غير ذَلِك من حُرُوف الزِّيَادَة فَإِن كَانَت الْمِيم أَولا أَو الْهمزَة كَذَلِك قضيت عَلَيْهِمَا بِالزِّيَادَةِ وعَلى الْوَاو بِالْأَصَالَةِ لِكَثْرَة زِيَادَة الْهمزَة وَالْمِيم فِي أول الْكَلِمَة إِلَّا أَن يقوم دَلِيل على أَصَالَة الْهمزَة من اشتقاق أَو تصريف أَو غير ذَلِك فَيقْضى على الْوَاو بِالزِّيَادَةِ كَمَا قيل فِي أولق وَهُوَ الْجُنُون قَالَه جمَاعَة
1 / 44
وَقَالَ ابْن سيدة الأولق الأحمق وَالْأول أصح لقَوْل الشَّاعِر
(ألم بهَا من طائف الْجِنّ أولق)
قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي يحْتَمل أولق من الْوَزْن ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا أَن يكون فوعل وهمزته أصل من قَوْلهم تألق الْبَرْق وَالْآخر أَنه أفعل وهمزته زَائِدَة من قَوْلهم ولق يلق إِذا أسْرع لِأَن ذَا الْجُنُون يُوصف بالسرعة
وَرجح ابْن عُصْفُور وَغَيره القَوْل الأول بِدَلِيل قَوْلهم مألوق وَلَو كَانَت الْوَاو أَصْلِيَّة لقالوا مولوق وَلَا يُقَال تقدر الْهمزَة فِي مألوق بَدَلا من الْوَاو لِأَن مثل هَذِه الْوَاو لَا تقلب همزَة وَإِن قلبت فَلَا تستمر فِي تصاريف الْكَلِمَة
1 / 45
وَيُمكن الْجَواب عَن ذَلِك بِأَنَّهُ إِنَّمَا قلبت الْوَاو همزَة عِنْدَمَا بني للْمَفْعُول وَأَصله ولق فقلبت حِينَئِذٍ الْوَاو همزَة قِيَاسا مطردا لانضمامها ثمَّ أجريت الْهمزَة مجْرى الْأَصْلِيَّة فالتزموها فِي تصاريف الْكَلِمَة كَمَا فِي عيد وأعياد فَإِن يَاء عيد منقلبة عَن وَاو لِأَنَّهُ من عَاد يعود ثمَّ التزموها فِي الْجمع فَقَالُوا أعياد وَكَذَلِكَ أرياح وَكَانَ قِيَاسه أَرْوَاح وأعواد فَكَذَلِك قاولوا مألوق وَالْقَوْلَان محتملان
وَأما إِذا كَانَ مَعَ الْوَاو والحرفين الأصليين غير الْمِيم والهمزة من حُرُوف الزِّيَادَة وَهُوَ مُحْتَمل لِأَن يكون أَصْلِيًّا وَأَن يكون زَائِدا فَإِنَّهُ يقْضى على الْوَاو بِالزِّيَادَةِ لِكَثْرَة مجيئها زَائِدَة وعَلى ذَلِك الْغَيْر بِالْأَصَالَةِ إِلَّا أَن يقوم دَلِيل على أَصَالَة الْوَاو نَحْو عزويت وَهُوَ اسْم بلد فَإِن الْوَاو فِيهِ أصل وَالْيَاء وَالتَّاء زائدتان ووزنه فعليت ك عفريت لِأَنَّهُ من العفر
1 / 46
وَبَيَان ذَلِك أَنه لَا يجوز أَن تكون الْيَاء من عزويت أصلا أَيْضا مَعَ الْوَاو لِأَنَّهُ يلْزم أَن يكون الْوَاو أصلا مَعَ بَنَات الْأَرْبَعَة وَقد تقدم أَنه غير جَائِز وَلَا أَن تكون التَّاء أصلا مَعَ الْوَاو وَيكون وَزنه فعليلا لما ذكرنَا أَيْضا وَلَا أَن تكون الْوَاو وَالْيَاء زائدتين وَالتَّاء أَصْلِيَّة لِأَنَّهُ يصير وَزنه فعويلا وَهُوَ بِنَاء غير مَعْرُوف فَلَا يحمل عَلَيْهِ فَتعين أَن تكون الْوَاو أَصْلِيَّة وَالْيَاء وَالتَّاء زائدتين كَمَا فِي عفريت وَالله أعلم
1 / 47
٤ - فصل مواقع زِيَادَة الْوَاو
تقرر أَن الْوَاو لَا تزاد أَولا وَإِنَّمَا تقع مزيدة بعد ذَلِك فَتكون ثَانِيَة كَمَا فِي جَوْهَر وكوثر وعوسج إِلْحَاقًا لَهَا بِجَعْفَر وأصل جَوْهَر من الجهارة وَهِي الْحسن والزينة قَالَ الشَّاعِر
(وَأرى الْبيَاض على النِّسَاء جهارة)
1 / 48
وَأَصله من الْجَهْر وَهُوَ إِظْهَار الشَّيْء
وَأما كوثر فَهُوَ من الْكَثْرَة قَالَ الشَّاعِر
(وَأَنت كثير يَابْنَ مَرْوَان طيب ... وَكَانَ أَبوك ابْن العقائل كوثرا)
وَأما العوسج فَهُوَ شجر لَهُ شوك وجناه أَحْمَر وقضوا على واوه بِأَنَّهَا مزيدة وَكَأن أَصله مَعَ العسج وَهُوَ مد الْعُنُق فِي الْمَشْي فَكَأَن الْإِبِل تمد أعناقها إِلَى هَذَا الشّجر عِنْدَمَا تَأْكُل مِنْهُ فَقيل فِيهِ عوسج وَيحْتَمل أَن يكون الْقَضَاء على واوه بِالزِّيَادَةِ بِنَاء على الْقَاعِدَة الْمُتَقَدّمَة أَنه إِذا كَانَ مَعَ الْوَاو ثَلَاثَة أحرف أصُول فَهِيَ مزيدة وَإِن لم يكن مأخوذا من العسج
وتزاد الْوَاو ثَالِثَة كَمَا فِي جهور وقسور وقرواح ودهور أما جهور فَهُوَ من الْجَهْر كَمَا تقدم وَكَذَلِكَ قسور من القسر وَهُوَ الْقَهْر وقرواح من القراح وَهُوَ الْموضع الَّذِي لَا شجر فِيهِ
1 / 49
وَيُقَال دهور الرجل اللُّقْمَة يدهورها إِذا كبرها وَالْوَاو فِيهِ مزيدة بِنَاء على الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة أَيْضا
وَكَذَلِكَ تزاد ثَالِثَة فِي عَجُوز وعمود وَنَحْوهمَا وَوَجهه ظَاهر
وتزاد رَابِعَة فِي نَحْو ترقوة وعرقوة وعنفوان
فالترقوة الْعظم الَّذِي بَين ثغرة النَّحْر والعاتق وَالتَّاء فِيهِ أَصْلِيَّة قَالَ الْجَوْهَرِي حكى أَبُو يُوسُف ترقيت الرجل ترقاة إِذا أصبت ترقوته وَالْألف فِيهَا إلحاقية كَمَا فِي سلقيت
والعرقوة الصَّلِيب الَّذِي يكون فِي الدَّلْو يشد بِهِ الْحَبل وَالْوَاو فِيهَا مزيدة لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَنَّهَا مَعَ ثَلَاثَة أصُول كَمَا تقدم وَالثَّانِي لَو كَانَت أصلا لكَانَتْ على فعللة وَلَا نَظِير لَهُ
وَأما عنفوان وَهُوَ الشَّبَاب فالواو فِيهِ مزِيد ة لِأَنَّهُ من العنف إِذْ لَا بُد فِي الشَّبَاب من العنف وإيضا فَلَيْسَ فِي كَلَامهم فعللان فَحكم بِالزِّيَادَةِ
1 / 50
وتزاد الْوَاو خَامِسَة فِي مثل قلنسوة وقمحدوة وَهِي أَعلَى الرَّأْس وَدَلِيل زيادتها مَعَ مَا تقدم من الْقَاعِدَة أَنه لَيْسَ فِي كَلَامهم فعنللة وَلَا فعللة
وَكَذَلِكَ هِيَ أَيْضا زَائِدَة فِي عضرفوط لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامهم سداسي حُرُوفه كلهَا أصُول
وَالله أعلم
1 / 51
٥ - فصل الْوَاو الدَّاخِلَة على أول الْكَلِمَة أَنْوَاعهَا
أما الْوَاو الَّتِي تدخل على أول الْكَلِمَة وَلَيْسَت مَعْدُودَة مِنْهَا وَهِي الْمَقْصُودَة بِهَذَا الْكتاب فَهِيَ على أَنْوَاع وَاو الْعَطف وواو الْحَال وواو الْقسم وواو رب وواو الْجمع مثل اسْتَوَى المَاء والخشبة وواو الصّرْف مثل قَوْلهم
(لَا تنه عَن خلق وَتَأْتِي مثله)
فَهَذِهِ السِّتَّة هِيَ الَّتِي يعْمل الْكَلَام عَلَيْهَا إِن شَاءَ الله
وتجيء أَيْضا زَائِدَة فِي الْجَواب بِحَيْثُ لَو حذفت لما اخْتَلَّ الْكَلَام كَمَا
1 / 52
أنْشد الْفراء
(حَتَّى إِذا قملت بطونكم ... ورأيتم أبناكم شبوا)
(وقلبتم ظهر الْمِجَن لنا ... إِن اللَّئِيم الْعَاجِز الخب)
قَالَ أَرَادَ قلبتم
وَقد تَجِيء كَذَلِك فِي غير الْجَواب أَيْضا قَالَ أَبُو كَبِير الْهُذلِيّ
1 / 53
(فَإِذا وَذَلِكَ لَيْسَ إِلَّا حِينه ... وَإِذا مضى شَيْء كَأَن لم يفعل)
قَالَ الْأَزْهَرِي أَرَادَ فَإِذا ذَلِك يَعْنِي شبابه وَمَا مضى من أَيَّام تمتعه
وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ جُمْهُور الْبَصرِيين أَنَّهَا لَيست زَائِدَة وَإِنَّمَا هِيَ عاطفة على مَحْذُوف مُقَدّر
وَسَيَأْتِي تَتِمَّة الْكَلَام فِي ذَلِك إِن شَاءَ الله
1 / 54
٦ - فصل النَّوْع الأول
الْكَلَام على الْوَاو العاطفة
وَهِي إِمَّا أَن تعطف مُفردا على مُفْرد أَو جملَة على جملَة فَإِذا عطفت جملَة على أُخْرَى اشْترط أَن يكون بَينهمَا تناسب يَقْتَضِي الْمُشَاركَة بالْعَطْف فَلَا يحسن أَن تَقول زيد قَائِم وَعَمْرو شَاعِر لعدم الْمُنَاسبَة بَينهمَا إِلَّا أَن يكون ذَلِك جَوَابا لمن أنكر هذَيْن الْحكمَيْنِ أَو شكّ فيهمَا فَتكون قرينَة كَلَامه الْمُتَقَدّم هِيَ الْمُقْتَضِيَة لجَوَاز الْعَطف بَين هَاتين الجملتين
وَقد عيب على أبي تَمام قَوْله
(لَا وَالَّذِي هُوَ عَالم أَن النَّوَى ... صَبر وَأَن أَبَا الْحُسَيْن كريم)
1 / 55