86

Fundamentals of Composition and Oratory

أصول الإنشاء والخطابة

Chercheur

ياسر بن حامد المطيري

Maison d'édition

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٣ هـ

Lieu d'édition

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

الفِطْرة وأصَالة الرَّأي، أم من مُزَاولة الفنون الحِكْمِيَّة، ويُلحَق بذلك معرفةُ الحقِّ والباطل، والمقبول والمردود، والصَّريح والخفي، والظاهر والمُؤَوَّل، ونضربُ لذلك مثلًا وهو كلما كان القولُ أعمَّ معنى كان أكثرَ تأتِّيًا لأن يُستعمَلَ في مواطن كثيرة، وكلما كان أخصَّ كان أوضحَ دِلالةً وأقربَ تناوُلًا، ولكلٍّ مَقَامٌ ووقتٌ ومخاطَبٌ، وهكذا معرفةُ العِلَل والغايات. وقد تقدم في جزء صناعة الإنشاء المعنوي من ذلك مَقْنَعٌ، وفي مُمَارسة علوم البلاغة والمنطق منه مَبْلَغٌ. وأما معرفة الأخلاق والفضائل فالقصدُ من ذلك التمييزُ بين ما هو فضيلةٌ وضدِّه من الأفعال، ومعرفة محاسِن الأخلاق ومساوئها، فإن بمعرفة ذلك تحصيل غرضين مهمين: أحدهما: رياضة الخطيبِ نفسَه على التَّحَلِّي بتلك الفضائل. وثانيهما: معرفتُه ذلك من حال المخاطَبين؛ ليلقي لهم الكلام على قَدْر احتياجهم وبقدر ما تَهيَّأَت له نفوسُهم. وكأنَّ هذا الثاني موجِب اشتراط الاستيطان في خطيب الجمعة عند مَن اشترطه. واعلم أن الخطيب لا غِنَى له عن معرفة أضداد الفضائل أيضًا؛ إذ قد يدعوه الحالُ إلى بيانها إما لِذَمِّ ما تشتملُ عليه وتُؤثِرُه، وإما لمعرفة ما فيها من منافع قليلة؛ لئلا يَبْهَتَه بها مَنْ يريدُ التَّضليلَ بترويجها، فإذا كان

1 / 131